سبيل الله» (١) وقال ابن المبارك عن ابن لهيعة ، أخبرني عمارة بن غزية أن السياحة ذكرت عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أبدلنا الله بذلك الجهاد في سبيل الله والتكبير على كل شرف» وعن عكرمة أنه قال : هم طلبة العلم ، وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : هم المهاجرون ، رواهما ابن أبي حاتم.
وليس المراد من السياحة ما قد يفهمه بعض من يتعبد بمجرد السياحة في الأرض والتفرد في شواهق الجبال والكهوف والبراري ، فإن هذا ليس بمشروع إلا في أيام الفتن والزلازل في الدين ، كما ثبت في صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري ، أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «يوشك أن يكون خير مال الرجل غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن» (٢) وقال العوفي وعلي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله : (وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ) قال القائمون بطاعة الله ، وكذا قال الحسن البصري وعنه رواية (الْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ) قال : لفرائض الله ، وفي رواية القائمون على أمر الله.
(ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (١١٣) وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ) (١١٤)
قال الإمام أحمد (٣) : حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر عن الزهري عن ابن المسيب عن أبيه قال : لما حضرت أبا طالب الوفاة دخل عليه النبي صلىاللهعليهوسلم وعنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية ، فقال «أي عم ، قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله عزوجل» فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية : يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فقال : أنا على ملة عبد المطلب ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم «لأستغفرن لك ما لم أنه عنك» فنزلت (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ) قال ونزلت فيه (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) (٤) [القصص : ٥٦] أخرجاه.
__________________
(١) أخرجه أبو داود في الجهاد باب ٦.
(٢) أخرجه البخاري في الإيمان باب ١٢ ، والفتن باب ١٤ ، والرقاق باب ٣٤ ، وأبو داود في الفتن باب ٤ ، والنسائي في الإيمان باب ٣٠ ، وابن ماجة في الفتن باب ١٣ ، ومالك في الاستئذان حديث ١٦ ، وأحمد في المسند ٣ / ٦ ، ٣٠ ، ٤٣ ، ٥٧.
(٣) المسند ٥ / ٥٣٣.
(٤) أخرجه البخاري في تفسير سورة ٩ ، باب ١٦ ، ومسلم في الإيمان حديث ٣٩.