وقال قتادة : حدثني خليد العصري عن أبي الدرداء مرفوعا قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما من يوم طلعت فيه الشمس إلا وبجنبيها ملكان يناديان يسمعه خلق الله كلهم إلا الثقلين : يا أيها الناس هلموا إلى ربكم إن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى» قال وأنزل في قوله يا أيها الناس هلموا إلى ربكم (وَاللهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ) الآية. رواه ابن أبي حاتم وابن جرير (١).
(لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (٢٦)
يخبر تعالى أن لمن أحسن العمل في الدنيا بالإيمان والعمل الصالح : الحسنى في الدار الآخرة كقوله تعالى : (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ) [الرحمن : ٦٠] وقوله : (وَزِيادَةٌ) هي تضعيف ثواب الأعمال بالحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف وزيادة على ذلك أيضا ، ويشمل ما يعطيهم الله في الجنان من القصور والحور والرضا عنهم ، وما أخفاه لهم من قرة أعين وأفضل من ذلك وأعلاه النظر إلى وجهه الكريم فإنه زيادة أعظم من جميع ما أعطوه لا يستحقونها بعملهم بل بفضله ورحمته ، وقد روي تفسير الزيادة بالنظر إلى وجهه الكريم عن أبي بكر الصديق وحذيفة بن اليمان وعبد الله بن عباس وسعيد بن المسيب وعبد الرحمن بن أبي ليلى وعبد الرحمن بن سابط ومجاهد وعكرمة وعامر بن سعد وعطاء والضحاك والحسن وقتادة والسدي ومحمد بن إسحاق وغيرهم من السلف والخلف.
وقد وردت فيه أحاديث كثيرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، فمن ذلك ما رواه الإمام أحمد (٢) : حدثنا عفان ، أخبرنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب رضي الله عنه أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم تلا هذه الآية (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) وقال : «إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار نادى مناد يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعدا يريد أن ينجزكموه فيقولون : وما هو ألم يثقل موازيننا؟ ألم يبيض وجوهنا ويدخلنا الجنة ويجرنا من النار ـ قال ـ فيكشف لهم الحجاب فينظرون إليه فو الله ما أعطاهم الله شيئا أحب إليهم من النظر إليه ولا أقر لأعينهم» (٣) وهكذا رواه مسلم وجماعة من الأئمة من حديث حماد بن سلمة به.
وقال ابن جرير (٤) : حدثني يونس ، قال أخبرنا ابن وهب ، قال أخبرني شبيب عن أبان عن أبي تميمة الهجيمي ، أنه سمع أبا موسى الأشعري يحدث عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم «إن الله يبعث يوم القيامة مناديا ينادي يا أهل الجنة ـ بصوت يسمع أولهم وآخرهم ـ إن الله وعدكم الحسنى
__________________
(١) تفسير الطبري ٦ / ٥٤٨.
(٢) المسند ٤ / ٣٣٣.
(٣) أخرجه الترمذي في تفسير سورة ١٠ ، باب ١ ، وابن ماجة في المقدمة باب ١٣.
(٤) تفسير الطبري ٦ / ٥٥٠.