وكل به قرينه من الجن وقرينه من الملائكة» قالوا : وإياك يا رسول الله؟ قال : «وإياي ، ولكن الله أعانني عليه ، فلا يأمرني إلا بخير» ، انفرد بإخراجه مسلم (١).
وقوله : (يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ) قيل : المراد حفظهم له من أمر الله ، رواه علي بن أبي طلحة وغيره عن ابن عباس (٢) ، وإليه ذهب مجاهد وسعيد بن جبير وإبراهيم النخعي وغيرهم. وقال قتادة : (يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ) قال : وفي بعض القراءات «يحفظونه بأمر الله» (٣) ، وقال كعب الأحبار : لو تجلى لابن لآدم كل سهل وكل حزن ، لرأى كل شيء من ذلك شياطين ، لولا أن الله وكل بكم ملائكة يذبون عنكم في مطعمكم ومشربكم وعوراتكم إذا لتخطفتم (٤). وقال أبو أمامة : ما من آدمي ومعه ملك يذود عنه حتى يسلمه للذي قدر له (٥) ، وقال أبو مجلز: جاء رجل من مراد إلى علي رضي الله عنه وهو يصلي فقال : احترس : فإن ناسا من مراد يريدون قتلك ، فقال : إن مع كل رجل ملكين يحفظانه مما لم يقدّر ، فإذا جاء القدر خليا بينه وبينه ، إن الأجل جنة حصينة (٦).
وقال بعضهم (يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ) بأمر الله ، كما جاء في الحديث أنهم قالوا : يا رسول الله ، أرأيت رقى نسترقي بها ، هل ترد من قدر الله شيئا؟ فقال «هي من قدر الله» (٧). وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا حفص بن غياث عن أشعث عن جهم ، عن إبراهيم قال : أوحى الله إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل : أن قل لقومك : إنه ليس من أهل قرية ولا أهل بيت يكونون على طاعة الله فيتحولون منها إلى معصية الله ، إلا حول الله عنهم ما يحبون إلى ما يكرهون ، ثم قال : إن تصديق ذلك في كتاب الله (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ).
وقد ورد هذا في حديث مرفوع ، فقال الحافظ محمد بن عثمان بن أبي شيبة في كتابه صفة العرش : حدثنا الحسن بن علي ، حدثنا الهيثم بن الأشعث السلمي ، حدثنا أبو حنيفة اليماني الأنصاري عن عمير بن عبد الملك قال : خطبنا علي بن أبي طالب على منبر الكوفة قال : كنت إذا أمسكت عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ابتدأني ، وإذا سألته عن الخبر أنبأني ، وإنه حدثني عن ربه عز
__________________
(١) كتاب صفات المنافقين وأحكامهم حديث ٦٩.
(٢) انظر تفسير الطبري ٧ / ٣٥٣.
(٣) انظر تفسير الطبري ٧ / ٣٥٤.
(٤) انظر تفسير الطبري ٧ / ٣٥٤.
(٥) تفسير الطبري ٧ / ٣٥٥.
(٦) تفسير الطبري ٧ / ٣٥٤ ، ٣٥٥.
(٧) أخرجه الترمذي في الطب باب ٢١ ، والقدر باب ١٢ ، وابن ماجة في الطب باب ١ ، وأحمد في المسند ٣ / ٤٢١.