(فَالْتَقَى الْماءُ) : أي ماء السماء وماء الأرض.
(عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ) : أي في الأزل ليغرقوا به فيهلكوا.
(وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ) : أي حملنا نوحا على سفينة ذات ألواح ودسر وهو ما يدسر به الألواح من مسامير وغيرها. واحد الدسر دسار ككتاب.
(تَجْرِي بِأَعْيُنِنا) : أي بمرأىّ منا أي محفوظة بحفظنا لها.
(جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ) : أي أغرقناهم انتصارا لمن كان كفر وهو نوح كفروا نبوته وكماله
(وَلَقَدْ تَرَكْناها) : أي إغراقنا لهم على الصورة التى تمت عليها.
(آيَةً) : أي لمن يعتبر بها حيث شاع خبرها واستمر الى اليوم.
(فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) : أي معتبر ومتعظ بها.
(فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ) : أي ألم يكن واقعا موقعه.
(وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ) : أي سهلناه للحفظ ، وهيأناه للتذكير.
(فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) : أي فهل من متعظ به حافظ له متذكر.
معنى الآيات :
قوله تعالى (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ) يخبر تعالى مسليا رسوله مخوفا قومه فيقول (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ) أي قبل قريش قوم نوح وهو أول رسول أرسل الى قوم مشركين (فَكَذَّبُوا (١) عَبْدَنا) رسولنا نوحا كذبوه في دعوة التوحيد كذبوه في دعوة الرسالة ، ولم يكتفوا بتكذيبه فقالوا (٢) مجنون أي هو مجنون (وَازْدُجِرَ) أي انتهروه وزجروه ببذيء القول وسيّئ الفعل (فَدَعا) أي نوح (رَبَّهُ) قائلا (أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ) لي يا ربي ، فاستجاب الله تعالى له ففتح أبواب السماء بماء منهمر (٣) أي منصب انصبابا شديدا ، (وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً) نابعة من الأرض (فَالْتَقَى (٤) الْماءُ) النازل من السماء والنابع من الأرض (عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ) أي قدره الله في الأزل وقضى بأن يهلكهم بماء الطوفان وقوله تعالى (وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ) والدسر جمع واحده دسار ككتاب وكتب وهو ما تدسر به الألواح من مسامير وغيرها وقوله تعالى (تَجْرِي) وهي حاملة لعوالم شتى (بِأَعْيُنِنا) أي بمرأىّ منّا محفوظة بحفظنا لها وقوله (جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ) أي أغرقناهم انتصارا لعبدنا نوح وجزاء له على صبره مع
__________________
(١) أخبر تعالى أن قوم نوح كذبوا الرسل. وكان في الكلام اجمال ففصّله بقوله : (فَكَذَّبُوا عَبْدَنا) أي : نوحا ، وقالوا مجنون ، وفيه إشارة إلى أن المكذب برسول يعتبر مكذبا بكل الرسل.
(٢) (مَجْنُونٌ) خبر لمبتدأ محذوف أي : هو مجنون. والجملة مقولة القول.
(٣) (مُنْهَمِرٍ) أي : كثير والهمر : الصب ، وكان انهمار الماء بدون سحاب وقيل اسمر أربعين يوما.
(٤) التقى الماءان النازل من السماء والنابع من الأرض (عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ) أي : على مقدار معيّن لم يزد أحدهما على الآخر.