الخلقة بدلا عنهم وأهلكناهم ولو شاء تعالى ذلك لكان ولكنه لم يشأ مع أنه في كل قرن يبدل جيلا بجيل هذا يميته وهذا يحييه وهو على كل شيء قدير. وفي خاتمة هذه السورة المشتملة على أنواع من الهدايات الكثيرة يقول تعالى (إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ) أي هذه السورة موعظة (فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) طريقا إلى رضاه أولا ثم مجاورته في الملكوت الأعلى ثانيا ، ولما أعطى تعالى المشيئة قيدها بأن يشاء الله ذلك المطلوب أولا ، ومن هنا وجب الافتقار إلى الله تعالى بدعائه والضراعة إليه وهو قوله (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً) بخلقه وبما يصلحهم أو يفسدهم (حَكِيماً) في تدبيره لأوليائه خاصة ولباقي البشرية عامة فله الحمد وله المنة. وقوله (يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ (١) أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً) إنه بهذا يدعو كافة البشرية إلى الافتقار إليه ليغنيهم وإلى عبادته ليزكيهم وإلى جواره فيطهرهم ويرفعهم هؤلاء أولياؤه من أهل الإيمان والتقوى (وَالظَّالِمِينَ) أي المشركين (أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً) أي أهانهم لكفرهم به وشركهم في عبادته فأعد لهم عذابا مؤلما موجعا نعوذ بالله من عذابه وشديد عقابه.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ حرمة طاعة ذوي الإثم وأهل الكفر في حال الاختيار.
٢ ـ على المؤمن أن يستعين بالصلاة والذكر والدعاء فإنها نعم العون.
٣ ـ استحباب نافلة الليل.
٤ ـ مشيئة الله عزوجل قبل فوق كل مشيئة.
٥ ـ القرآن تذكرة للمؤمنين.
سورة المرسلات
مكية وآياتها خمسون آية
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً (١) فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً (٢) وَالنَّاشِراتِ نَشْراً (٣) فَالْفارِقاتِ فَرْقاً (٤) فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً (٥) عُذْراً أَوْ نُذْراً (٦) إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ (٧) فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ (٨) وَإِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ
__________________
(١) (وَالظَّالِمِينَ) مفعول لفعل محذوف تقديره ويعذب الظالمين وجملة (أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً) تفسير للفعل المحذوف.