(فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ) : أي في يوم نحس أي شؤم مستمر دائم الشؤم قويّة حتى هلكوا.
(تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ) (١) : أي تقتلعهم من الحفر التى اندسوا فيها وتصرعهم فتدق رقابهم.
(نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ) : منفصلة أجسامهم كأنهم والحال كذلك أعجاز أي أصول نخل منقلع.
(وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ) : أي سهلنا القرآن للحفظ والتذكير والتذكر به.
(فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) : أي تذكروا يا عباد الله بالقرآن فإن منزله سهّله للتذكير.
معنى الآيات :
قوله تعالى (كَذَّبَتْ عادٌ) هذا القصص الثاني في هذه السورة يذكر بإيجاز تسلية لرسول الله صلىاللهعليهوسلم وتهديدا لقومه المكذبين وذكرى للمؤمنين فقال تعالى كذبت عاد أي قوم هود كذبوا رسول الله هودا عليهالسلام وكفروا بما جاءهم به من التوحيد والشرع وقالوا ائتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين فأرسل تعالى (عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً) ذات صوت شديد (فِي يَوْمِ نَحْسٍ) (٢) وكان مساء الاربعاء لثمان خلون من شهر شوال (مُسْتَمِرٍّ) بشدة وقوة وشؤم عليهم مدة سبع ليال وثمانية أيام تنزع تلك الريح الناس وقد دخلوا حفرا تحصنوا بها فتنزعهم منها نزعا وتخرجهم فتصرعهم فتدق رقابهم فتنفصل عن أجسادهم فيصيرون والحال هذه لطول أجسامهم (كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ) (٣) أي منقلع ساقط على الأرض. وقوله تعالى (فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ؟) هذا الاستفهام للتهويل أي إنه كان كأشد ما يكون العذاب والإنذار. وقوله تعالى (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ) أي سهلناه وهيأناه بفضل منا ورحمة للحفظ ولو لا هذا التسهيل ما حفظه أحد ، وهيئناه للتذكر به. فهل من مذكر أي من متذكر والاستفهام للأمر كأنما قال : فاحفظوه وتذكروا به.
__________________
(١) جملة : (كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ) في موضع نصب على الحال من الناس.
(٢) النحس : سوء الحال ، وقد انجرّ إلى المسلمين بواسطة عقائد المجوس التشاؤم بيوم الأربعاء من آخر الشهر ، ولا تشاؤم في الإسلام والنحس كان على الكافرين الذين أهلكهم الله تعالى فلا ينسحب النحس على الناس طوال الحياة.
(٣) (مُنْقَعِرٍ) قال القرطبي : سئل المبرّد عن ألف مسألة من جملتها قيل له : ما الفرق بين قوله تعالى : (وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً) و (جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ) وقوله : (أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ) و (أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ)؟ فقال : كل ما ورد عليك من هذا الباب فإن شئت رددته إلى اللفظ تذكيرا أو إلى المعنى تأنيثا. أ. ه.