(لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ) : أي لا بارد كغيره من الظلال ولا كريم حسن المنظر.
(كانُوا قَبْلَ ذلِكَ) : أي في الدنيا.
(مُتْرَفِينَ) : أي منعمين لا ينهضون بالتكاليف الشرعية ولا يتعبون في طاعة الله ورسوله.
(يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ) : أي الذنب العظيم وهو الشرك.
(وَكانُوا يَقُولُونَ أَإِذا مِتْنا) : أي وكانوا ينكرون البعث الآخر.
(لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ) : أي لوقت يوم معلوم وهو يوم القيامة.
(أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ) : أي الضالون عن طريق الهدى المكذبون بالبعث والجزاء.
(مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ) : أي من أخبث الشجر المرّ في غاية الكراهة والبشاعة طعما ولونا.
(فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ) : أي شاربون شرب الإبل العطاش ، إذ الهيمان العطشان والهيمى العطشى.
(هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ) : أي هذا ما أعد لهم من قرى يوم الجزاء والحساب وهو يوم القيامة.
معنى الآيات :
ما زال السياق الكريم في بيان أحوال الأصناف الثلاثة التي انقسمت البشرية إليها عند خروجها من قبورها فذكر حال السابقين وحال أصحاب اليمين وذكر هنا حال أصحاب المشأمة وهم أصحاب الشمال فقال تعالى : (وَأَصْحابُ) (١) (الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ) تنديد بحالهم وإعلان عن سوء عاقبتهم وما هم فيه من عذاب إنهم (فِي سَمُومٍ) (٢) أي ريح حارة تنفذ في مسام الجسم (وَحَمِيمٍ) وهو ماء حار شديد الحرارة هذا شرابهم ، (وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (٣) لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ) إنه دخان أسود شديد السواد (لا بارِدٍ) كغيره من الظلال (وَلا كَرِيمٍ) أي وليس بذي حسن في منظره. وقوله تعالى (إِنَّهُمْ (٤) كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُتْرَفِينَ) (٥) هذه علة جزائهم بالعذاب الأليم
__________________
(١) هذا شروع في تفصيل أحوالهم التي أشير عند التوزيع إلى هولها وفظاعتها بعد تفصيل حسن حال أصحاب اليمين.
(٢) (السموم) : الريح الشديدة الحرارة التي لا بلل معها كأنها مأخوذة من السم.
(٣) اليحموم : الدخان الأسود مشتق من الحمم على وزن صرد اسم للفحم والحممة : الفحمة. وفي قوله تعالى : (وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ) تهكم ظاهر.
(٤) الجملة تعليلية إذ هي علة لما أصاب أصحاب الشمال من الهون والدون والعذاب الأليم.
(٥) ظاهر اللفظ أنّ الترف هو سبب كفرهم وإصرارهم على ذلك وجائز أن يكون الترف بعض السبب لا كله ، والعبرة بالواقع والإشارة في قوله : (قَبْلَ ذلِكَ) عائدة إلى السموم واليحموم والظل من اليحموم.