والمقسم عليه هو قوله (إِنَّهُ) أي المكذب به (لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ) (١) ، لا كما قال المبطلون شعر وسحر وكذب واختلاق (فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ) أي مصون (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) سواء ما كان في اللوح المحفوظ أو في مصاحفنا فلا ينبغي أن يمسه إلّا المطهرون من الأحداث الصغرى (٢) والكبرى (تَنْزِيلٌ مِنْ (٣) رَبِّ الْعالَمِينَ) أي منزل منه سبحانه وتعالى ولذا وجب تقديسه وتعظيمه فلا يمسه إلّا طاهر من الشرك والكفر وسائر الأحداث.
وقوله تعالى (أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ) أي القرآن أنتم مدهنون تلينون القول للمكذبين به ممالأة منكم لهم على التكذيب به والكفر (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ) (٤) أي وتجعلون شكر الله تعالى على رزقه لكم (أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) أي تكذيبكم بسقيا الله لكم بالأمطار وتقولون مطرنا ينوء كذا ونوء كذا.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ بيان أن الله تعالى يقسم بما شاء من مخلوقاته ، وان العبد لا يقسم إلا بربه تعالى.
٢ ـ تقرير الوحي الإلهي وإثبات النبوة المحمدية ، وأن القرآن الكريم منزل من عند الله تعالى.
٣ ـ وجوب صيانة القرآن الكريم ، وحرمة مسه على غير طهارة.
٤ ـ حرمة المداهنة في دين الله تعالى وهي أن يتنازل عن شيء من الدين ليحفظ شيئا من دنياه والمداراة جائزة وهي أن يتنازل عن شيء من دنياه ليحفظ شيئا من دينه
(فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (٨٣) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (٨٤) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ (٨٥) فَلَوْ لا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (٨٦) تَرْجِعُونَها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٨٧) فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٨٨) فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ (٨٩) وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ
__________________
(١) (كَرِيمٌ) لما فيه من كريم الأخلاق ، ومعالي الأمور ولأنه يكرم حافظه ويعظم قارئه ويسعد وينجو العامل به.
(٢) قال القرطبي : اختلف في مس المصحف على غير وضوء ، فالجمهور على المنع لحديث عمرو بن حزم ، وهو مذهب علي وابن مسعود وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد وعطاء والزهري والنخعي والحكم وحماد وجماعة من الفقهاء منهم مالك والشافعي وأحمد.
(٣) (تَنْزِيلٌ) بمعنى : منزّل من إطلاق المصدر وإرادة المفعول كالرد بمعنى المردود
(٤) صلح وضع لفظ الرزق موضع الشكر لأن شكر الرزق يسبب الزيادة في الرزق فأطلق السبب وأريد المسبب.