يكن ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن ليصيبه (١) يهد قلبه فيصبر ويسترجع فيؤجر وتخف عنده المصيبة بخلاف الكافر بالله وقضائه وقدره.
وقوله تعالى (وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) فلا يخفى عليه شيء فلا يحدث حدث في الكون الا بعلمه وإذنه وهذه حال تقتضى الرضا بالقضاء والقدر والتسليم لله تعالى فيما يقضى به على عبده وفي ذلك خير كثير لا يعرفه إلا أصحاب الرضا بالقضاء والتسليم للعليم الحكيم.
وقوله تعالى (وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) يأمر تعالى عباده عامة بطاعة الله وطاعة رسوله لأن كمال الإنسان وسعادته مرتبطة بهذه الطاعة التي هي عبارة عن تطبيق نظام دقيق ينتج صفاء روح وزكاة نفس يتأهل بها العبد إلى النزول بالملكوت الأعلى «الجنة دار الأبرار».
وقوله (فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ) أي أعرضتم عن هذه الدعوة فرفضتم طاعة الله ورسوله فلا ضرر على رسولنا ولا ضير إذ عليه البلاغ المبين وقد بلغ مبينا غاية التبيين ، وأما هدايتكم فلم يكلف بها إذ لا يقدر عليها ولا يكلف الله نفسا إلا طاقتها.
وقوله تعالى : (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) أي أن الذي أمركم بطاعته وطاعة رسوله هو الله الذي لا إله إلا هو أي المعبود الذي لا تنبغي العبادة ولا تصلح الا له لأنه الخالق لكم الرازق المدبر لحياتكم ، (وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ) (٢) (الْمُؤْمِنُونَ) فإنه يكفي المؤمن الذي يتوكل عليه يكفيه كل ما يهمه من أمر دنياه وآخرته. ولا كافى إلا هو سبحانه وتعالى.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ تقرير عقيدة القضاء والقدر.
٢ ـ وجوب الصبر عند نزول المصيبة والرضا والتسليم لله تعالى في قضائه وحكمه ، ومن تكن هذه حاله يهد الله قلبه (٣) ويرزقه الصبر وعظيم الأجر ويلطف به في مصيبته وإن هو استرجع قائلا إنا لله وإنا اليه راجعون أخلفه الله عما فقده وآجره.
٣ ـ وجوب طاعة الله وطاعة رسوله في الأمر والنهي.
٤ ـ تقرير التوحيد.
__________________
(١) (يَهْدِ قَلْبَهُ) عندما تصيبه المصيبة فيسترجع أي : يقول إنا لله وإنا إليه راجعون ويصبر ، فالإيمان هو السبب في حصول هداية القلب فإذا هدى القلب حصل الاسترجاع وحصل الصبر وخف وقع المصيبة.
(٢) الجملة معطوفة على قوله : (وَأَطِيعُوا اللهَ) فهي في معنى : أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ، وتوكلوا على الله وحده لأن الطاعة تتطلب عملا وجهدا وهما يتطلبان اعتمادا على الله إذ هو المعين للعبد على الطاعة دون غيره فليكن التوكل عليه وحده.
(٣) (يَهْدِ قَلْبَهُ) فيسترجع ويصبر ، والإيمان الصحيح هو الذي ينتج هداية القلب فإذا اهتدى القلب إلى معرفة حكم الله وقضائه صبر وظفر.