بنفسه ورؤية محاسنها ولنسيانه واجب شكر ربه هذا الإنسان (خُلِقَ هَلُوعاً) قابلا لوصف الهلع فيه عند بلوغه سن التمييز والهلع مرض نفسي عرضه الذي يعرف به جزعه الشديد متى مسه الشر ، ومنعه القوي للخير متى مسه وظفر به. فقد فسر تعالى الهلع بقوله ، (إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً). ثم ذكر تعالى ما يعالج به هذا المرض باستثنائه من جنس الإنسان من يتصفون بالصفات الآتية وهي عبارة عن عبادات شرعية بعضها فعل وبعضها ترك من شأنها القضاء على هذا المرض الخطير المسمى بالهلع والذي لا يعالج إلا بما وصف تعالى في قوله :
١) إدامة الصلاة بالمواظبة عليها ليل نهار إذ قال تعالى (إِلَّا الْمُصَلِّينَ) (١) (الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ) (٢) وبشرط أن تؤدى إيمانا واحتسابا وأداء صحيحا بمراعاة شروطها وأركانها وسننها.
٢) الاعتراف بما اوجب الله في المال من حق واعطاء ذلك الحق بطيب نفس لمن سأل ولمن لم يسأل ممن هم أهل للزكاة والصدقات لقوله (وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ).
٣) التصديق الكامل بيوم القيامة وهو البعث والجزاء لقوله تعالى (وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ).
٤) الاشفاق والخوف من عذاب الله عند عروض خاطر المعصية بترك واجب أو فعل محرم لقوله تعالى (وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ) أي دائما وأبدا لأن (عَذابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ) الوقوع.
٥) حفظ الفرج بستره عن أعين الناس ما عدا الزوج وصيانته من فاحشة الزنا واللواط وجلد عميرة أي الاستمناء باليد والمعروف اليوم بالعادة السرية لقوله تعالى (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) من السراري (فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) في إتيانهم أزواجهم وجواريهم اللائي ملكوهن بالجهاد أو الشراء الشرعي وقوله تعالى (فَمَنِ ابْتَغى) أي طلب ما وراء الزوجة والسرية (فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ) أي الظالمون الذين تجاوزوا الحلال إلى الحرام فكانوا بذلك معتدين ظالمين.
٦) حفظ الأمانات والعهود ومن أبرز الأمانات وأقوى العهود ما التزم به العبد من عبادة الله تعالى بطاعته وطاعة رسوله والوفاء بذلك حتى الموت زيادة على أمانات الناس والعهود لهم الكل واجب الحفظ والرعاية لقوله (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ) أي حافظون.
__________________
(١) الاستثناء منقطع أي لكن المصلين الذين وصفهم كيت وكيت وهي ثمان صفات وهي صفات المؤمنين الصادقين.
(٢) الدوام على الشيء عدم تركه وذلك في كل عمل بحسب ما يعتبر دواما فيه.