مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ) أي بستان إكرام وتنعم (كَلَّا) لن يتم هذا لهم ولن يكون وهم أنجاس الأرواح بالشرك والمعاصي ، ولفت النظر إلى أصل الخلقة وهي المني القذر والقذر لا يدخل دار السلام فمن أراد الجنة فليزك نفسه وليطهرها بالإيمان والعمل الصالح مبعدا لها عما يدسيها من الشرك والمعاصي وهو ما تضمنه قوله تعالى (إِنَّا خَلَقْناهُمْ (١) مِمَّا يَعْلَمُونَ) وقوله عزوجل (فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ) أي فلا الأمر كما يتصورون من أنهم لا يبعثون بعد موتهم أقسم برب المشارق الثلاثمائة والستين مشرقا ومغربا حيث الشمس تطلع كل يوم في مطلع وتغرب في آخر لا تعود إليه إلا بعد سنة في مثل ذلك اليوم فأقسم تعالى بنفسه ، والمقسم عليه قوله (إِنَّا لَقادِرُونَ) أي على أن نهلكهم ونأتي بخير منهم (وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ) أي عاجزين عن ذلك فكيف إذا لا نعيدهم أحياء بعد موتهم يوم القيامة (فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ) أي أمر تعالى رسوله أن يتركهم وما يخوضون فيه من اللهو واللعب والباطل في القول والعمل ، وهو تهديد خفي لهم (حَتَّى يُلاقُوا) على ما هم عليه من أدران الشرك وأوضار المعاصي يومهم الذي يوعدون بالعذاب فيه وهو يوم القيامة وشرح حال اليوم فقال (يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ) أي القبور جمع جدث (سِراعاً) أي مسرعين (كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ) (٢) أي شيء منصوب من راية أو علم أو تذكار (يُوفِضُونَ) أي يحشرون مسرعين حال كون أبصارهم خاشعة أي ذليلة من الفزع والخوف (تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ) أي تغشاهم ذلة عجيبة عظيمة. وقوله تعالى (ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ) أي هذا هو اليوم الذي كانوا يوعدون بالعذاب فيه وهو يوم القيامة الذي أنكروه وكذبوا به ها هو ذا قد حصل فليتجرعوا غصص الندم وألوان العذاب.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ بيان الحال التي كان عليها الرسول صلىاللهعليهوسلم في مكة بين ظهراني قريش وما كان يلاقي من أذاهم.
٢ ـ بيان أن الجنة تدخل بالطهارة الروحية من قذر الشرك والمعاصي وإلا فأصل الناس واحد المني القذر باستثناء آدم وحواء وعيسى فآدم أصله الطين وحواء خلقت من ضلع آدم ، وعيسى كان بنفخ روح القدس في كم درع مريم فكان بكلمة الله تعالى ومن عدا الثلاثة فمن ماء مهين ونطفة قذرة.
__________________
(١) في قوله تعالى (إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ) ازدراء بهم وتهكم من حالهم إذ يجادلون ويعاندون وهم مخلوقون من نطفة مذرة.
(٢) النصب بفتح النون وسكون الصاد : الصنم قرأ نافع نصب بفتح وسكون وقرأ حفص نصب بضم كل من النون والصاد والمعنى واحد وهو الصنم قال الشاعر :
وذا النصب المنصوب لا تنسكنه |
|
لعافية والله ربك فاعبدا |