مقدمة المحقق
إن علم العقائد الذي هو علم التوحيد علم من أفضل العلوم ، نطقت الآيات القرآنية بفضله ، وصرحت الأحاديث النبوية بنجاة أهله ، فالتوحيد ثمن الجنة كما ورد ، فالظفر به من أجلّ الفوائد ، ورد شبه المضلين من أعذب الموارد ، وقد كثرت فيه الآراء ، واتّبعت فيه الأهواء ، من فرق ضلت سواء السبيل ، واتبعت ثنيات الطريق ، من ملاحدة ينكرون الصانع المختار ، وسوفسطائي ينكر المشاهدات والضروريات ، وفلسفي يثبت التأثير للعلل بالإيجاب ولا يبالي ، وباطني يقول بالسابق والتالي ، وثنوي يقول بالنور والظلمة ويدين بالقديم الثاني ، وبرهمي ينفي النبوة ، وأشعري يقول بقدم المعاني ، ومجسم يشبّه الله بالمحدثات ، ويقول إن له تعالى أعضاء وجوارح وآلات ، ومجبري يدين بأن الله يخلق أفعال العباد ، وأنه تعالى يريد المعاصي ويرضى بالفساد وأنه لا يقبح من الله قبيح ؛ لأنه رب أو غير منهي أو مالك ، وأنه يفعل الفعل لا لغرض ، وأنه يضل عن الدين ويأمر بالإيمان ويمنع منه ، ويكلف ما لا يطاق ، وينهى عن الكفر ويخلقه ويزينه ، ومرجئ يغري المكلفين بالمعاصي ويمنيهم بغفرانها ، أو بخروجهم من النار إلى غير ذلك من المذاهب الردية التي انتحلتها فرق الضلال وبالغوا في نصرتها بالأعمال والأقوال ، لذلك قام أئمة الآل الذين اصطفاهم الله وطهرهم وعصم جماعتهم ، وأمر بالتمسك بهم اقتفاء منهم للكتاب العزيز ، فبنوا أصول عقيدتهم على الأدلة العقلية ، ودعموا ذلك بالأدلة النقلية من محكمات آيات القرآن ، وردوا المتشابه إلى المحكم ، ونظروا إلى ما صح عن الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم موافقا لأدلة العقول ومحكمات الآيات ، فعزّزوا به تلك