(المسألة الثلاثون) : في بيان من يستحق الإمامة
فالذي يذهب إليه كثير من أهل البيت إلا من ذهب مذهب الإمامية منهم والجارودية (١) من الزيدية إلى (أن الإمامة بعد الحسن والحسين فيمن قام ودعى من أولادهما) فقط ، ومنعته أكثر الناس مثل المعتزلة والصالحية من الزيدية والخوارج والمجبرة ، وسائر الفرق الإسلامية ، وسيأتي الدليل عليهم.
وقول الشيخ : فيمن قام ودعى إشارة إلى أن القيام مع الدعوة مع جمع الشرائط الآتية هو الموجب للإمامة ، وإلى ذلك ذهب أهل البيت عليهمالسلام أن من قام لله داعيا إلى الحق ونابذ الظلمة ، واحتمل أعباء الإمامة فقد صار بذلك إماما بويع أم لا. وقالت المعتزلة والصالحية من الزيدية : بل الطريق إلى ذلك هو العقد والاختيار على أصلهم ، وهذا قول (م بالله) فيما روي عنه ، وقد استدل على ذلك المتقدم بإجماع العترة ـ عليهمالسلام ـ على اعتبار الدعوة وعلى اعتقاد أنها هي الطريق.
أما إجماعهم على اعتبارها فذلك مما لا خلاف فيه بينهم ، بل بين الأمة ما عدا أصحاب النص ، ولهذا فإن كل إمام منهم لا بد أن يقوم ويشمّر لاحتمال الأمر ، ومنابذة الظلمة والجهاد.
وأما إجماعهم على أن ذلك هو الطريق إلى الإمامة ، فلأنه هو المعروف من مذهبهم والمذكور في كتبهم والمشهور في سيرهم ، ولا يلزمنا في دعوى إجماعهم عليهمالسلام أكثر من هذا ، كذا قيل في الاستدلال ، ولا يخفى أن غاية هذا الدليل الظن بأن ذلك هو
__________________
(١) الجارودية : فرقة من الزيدية منسوبون إلى أبي الجارود بن المنذر العبدي ، أثبت النص على علي ـ عليهالسلام ـ بالوصف الذي لم يوجد إلا فيه ، كخصف النعل ، وإيتاء الزكاة حال ركوعه دون التسمية ، أي أن النص لم يكن على إمامته صريحا باسمه بأوصاف واضحة لم توجد إلا فيه ، ومن ثم كفروا من خالف ذلك النص ؛ لأنه كالتصريح باسمه ، وأثبتوا الإمامة في البطنين بالدعوة مع العلم والفضل وشروط غيرها إلى غير ذلك والله الموفق.