(المسألة الثالثة والعشرون : أنّه يجب على المكلف أن يعلم أن من توعده الله من الفساق بالنار)
كمرتكبي الفواحش التي هي غير مخرجة من الملة ، كالزنا وشرب الخمر ونحو ذلك (فإنه إذا مات مصرا على فسقه غير تائب منه فإنه صائر إلى النار ومخلد فيها خلودا دائما).
وهذه المسألة هي أم مسائل الوعيد ، والمختصة بالنزاع الشديد ، عظيمة الأخطار متشعبة الخلاف بين علماء الأمصار ، فالجمهور من العدلية المعتزلة والزيدية والإمامية والخوارج وغيرهم : أن كل واحد من فساق هذه الأمة وأهل الكبائر يستحق العذاب بالنار في الآخرة ، ولا بدّ أن يدخلها ويعذب فيها ويخلد فيها أبد الآبدين ، وما هم عنها بغائبين ، وخالفت في ذلك المرجئة ، فقطع بعضهم على أنهم غير داخلين في الوعيد ، وتوقف البعض الآخر.
وقد جرى اصطلاح أصحابنا على أن كل من قال بخروج الفساق ، أو توقف أو قطع بعدم دخولهم النار فإنه مرجئ ، والاتفاق على أن المرجئة مذمومون ملعونون ، وأن الإرجاء اسم ذم كالقدرية لما روي عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لعنت القدرية والمرجئة على لسان سبعين نبيا».
وروى الحاكم عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لكل أمة يهود فيهود هذه الأمة المرجئة» إلى غير ذلك ، ولكن اختلف في مسماه وموضوعه ، فالأصحاب بنوا على ما ذكرناه ، وإن كانوا يقولون الإرجاء الحقيقي مذهب الواقفة ، منهم الذين لا يقطعون بشيء قيل : لأن الإرجاء التردد.
وقال الفقيه حميد في العمدة : لأنه الوقف والشك.