رَبِّكُمْ) [الزمر : ٥٤].
وأيضا فالظاهر يقتضي غفران الشرك فما خصصوا به غفران الشرك خصصنا بمثله غفران الفسق ، والمعنى : (يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً) بالتوبة ؛ لأنه قد تكرر ذكر هذا القيد في القرآن فكان ذكره فيما ذكر فيه ذكرا له فيما لم يذكر فيه ؛ لأن القرآن في حكم كلام واحد لا يجوز فيه التناقض ، وقد ذكر مثل ذلك جار الله في كشافه ، (فثبت بذلك) الذي ذكرنا وبغيره من الأدلة الواضحة (خلود كل فاسق وفاجر في النار).
(المسألة الرابعة والعشرون) : في المنزلة بين المنزلتين
وهذه مسألة الأسماء والأحكام ، وإنما سميت المنزلة بين المنزلتين ؛ لأن معنى ذلك لغة الشيء بين الشيئين في العلو والانحطاط ، وقيل : الشيء بين الشيئين ينجذب إلى كل واحد منهما بشبه.
وأما اصطلاحا : فكون صاحب الكبيرة ممن ليس بكافر له أسماء وأحكام بين أسماء المؤمن والكافر وأحكامهما ، ووجه تسمية هذه بالمنزلة بين المنزلتين : كونها كلاما في إثبات منزلة للفاسق في أسمائه وأحكامه بين منزلتي المؤمن والكافر في أسمائهما وأحكامهما ، ووجه تسميتها بمسألة الأسماء والأحكام أنها كلام في أسماء المكلفين وأحكامهم ، ووجه الحاجة إليها أن المكلفين لما كانوا على ضربين ، ضرب يستحق العذاب ، وهو فريقان : فريق يستحق العقاب العظيم ، وفريق يستحق عقابا دون ذلك ، ومنهم من يستحق الثواب ، وهم فريقان : فريق يستحق الثواب العظيم ، وفريق يستحق ثوابا دون ذلك فاحتجنا إلى معرفة كل فريق وحكمه لنجري عليه اسمه ونعامله معاملته.
وقد ذهب أهل الحق إلى (أن أصحاب الكبائر من هذه الأمة ، كشارب الخمر