والزاني ومن يجري مجراهم يسمّون فسّاقا وفجارا) ، وهذا مما لا خلاف فيه ، وهل يسمون مع ذلك مؤمنين أو كفارا أو منافقين؟
فذهب المرجئة إلى الأول ، ومنهم من قال : إن إيمانهم كإيمان جبريل وميكائيل لاعتقادهم أن الإيمان هو التصديق فقط.
وذهب الخوارج إلى الثاني ، واتفقت على وصفهم بأنهم كفار ، واختلفت في أنهم هل يوصفون بأنهم مشركون؟ فمنعه الإباضية (١) ، وأجازه سائرهم.
وذهب الحسن إلى الثالث ، (و) إذا عرفت ذلك ، وأنهم (لا يسمون مؤمنين) فليس حكمهم حكم المؤمنين على الإطلاق ، (ولا) حكم ال (منافقين) ، (و) ليسوا (كفارا) على الإطلاق ، بل لهم اسم بين الاسمين ، وحكم بين الحكمين ، وهو معنى قولهم المنزلة بين المنزلتين.
وقد حكي عن الناصر (٢) ـ عليهالسلام ـ تسميتهم كفار نعمة. قال الوالد العلامة محمد بن عز الدين : وهو قياس قول من جعل نحو العبادات شكرا ، وقد صرّح بهذا المرتضى والإمام أحمد بن سليمان (٣) مع تسميته فاسقا أيضا.
__________________
(١) الإباضية : فرقة من فرق الخوارج منسوبون إلى عبد الله بن يحيى الإباضي.
(٢) هو الإمام الناصر للحق الحسن بن علي بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الملقب بالأطروش ، والناصر والكبير ، والناصر للحق أحد أئمة الزيدية وعظماء الإسلام ، كان عالما مجتهدا ، زاهدا ورعا ، شجاعا أديبا ، عظيم القدر ، ولد سنة ٢٣٠ ه ونشأ في طلب العلم وقرأ من الكتب السماوية بضع عشرة كتابا ، وقام في أرض الديلم سنة ٢٨٤ ه يدعو إلى الله عشرين سنة ، ودخل طبرستان سنة ٣٠١ ه ، وأسلم علي يديه ألف ألف ما بين رجل وامرأة ، توفي بآمل في شعبان سنة ٣٠٤ ه عن ٧٤ سنة ، قال الطبري : لم ير الناس مثل عدل الأطروش وحسن سيرته وإقامته الحق ، له مؤلفات كثيرة.
(٣) هو الإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان بن محمد بن المطهر بن علي بن الناصر أحمد بن الإمام الهادي ـ عليهمالسلام ـ ، مولده سنة ٥٠٠ ه كان ـ عليهالسلام ـ فصيحا شاعرا ، علامة في فنون عديدة ، له تصانيف منها : أصول الأحكام جميع ما فيه ثلاثة آلاف حديث وثلاثمائة واثني عشر حديثا ، وحقائق المعرفة في علم الكلام وغيرهما ، وله كرامات مشهورة ، بيعته : سنة ٥٣٣ ه وملك أكثر اليمن وعمي آخر عمره ، وتوفي بجيدان خولان الشام في شهر ربيع سنة ٥٦٦ ه فخلافته ٣٣ سنة ، وعمره ٦٦ سنة.