(المسألة الخامسة والعشرون) في الشفاعة
ووجه اتصالها بالوعد والوعيد ظاهر ، فإنها من تتمة الكلام في إيصال عقاب ذوي الكبائر إليهم وخلودهم في النار ، ولا يصح ما تقدم إلا بتصحيح ما ذهب إليه الأصحاب فيها من أنها ليست للفساق ولا لمن يستحق النار ، وأنها لا تقتضي عدم دخولهم النار ، ولا خروجهم عنها بعد دخولها.
واختلف الناس في موضوعها ، فقال أهل الإرجاء : إنما تستعمل في دفع الضرر فقط ، وقال الجمهور : بل فيه وفي جلب النفع.
قال المهدي ـ عليهالسلام ـ : ونعلم بتواتر النقل عن أهل اللغة أنهم يقولون : شفع فلان إلى فلان ليقضي دينه ، أو ليغني فقره أو نحو ذلك ، ولا يخالف أحد في ذلك ، بل هي في جلب المنافع أكثر ، قال الشاعر :
فذاك فتى إن جئته لصنيعة |
|
إلى ماله لم تأته بشفيع |
واعلم : أنه لا خلاف بين أهل الإسلام أن لنبينا صلىاللهعليهوآلهوسلم شفاعة مقبولة ، وهو المقام المحمود الذي وعده الله إياه يوم القيامة في قوله : (عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً) [الإسراء : ٧٩] وأنكرتها المطرفية وقد سبقهم الإجماع.
والمشهور عن الجمهور وهم الأكثر من الزيدية والمعتزلة : (أن شفاعة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لا تكون لمن يستحق النار من الكفار والفساق) أصلا ، (وإنما تكون للمؤمنين) سواء كانوا قد أتوا كبائر ثم تابوا عنها ، أو لم يواقعوا كبيرة رأسا (حتى يزيدهم الله بها شرفا) ونعيما إلى نعيمهم وسرورا إلى سرورهم.
قال المصنف : (أو تكون لمن يستوى حسناته وسيئاته) على القول بصحة ذلك (فيشفع له النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ليدخل الجنة) ، وإلى هذا القول الأخير ذهب أبو القاسم