البلخي ، وهو باطل بالدليل الدال على المنع من الاستواء ، ومن أجاز ذلك فبطلانه بأنه لا دليل على قصر الشفاعة على من كان له هذا الحكم دون غيرهم من أهل الجنة.
وقال أهل الإرجاء : بل الشفاعة للمصرين من أمته من أهل الكبائر ، والمطلوب بالشفاعة أن يعفو عنهم ويدخلوا الجنة تفضلا.
(والدليل على أن شفاعة النبي) صلىاللهعليهوآلهوسلم (لا تكون لأحد من الظالمين) أنها لو كانت لكانت إما أن تقبل وهو باطل ؛ لما تقدم من أن الفساق في النار على جهة الدوام ، وإما أن لا تقبل ، وهو باطل بالإجماع.
(قوله تعالى : (لا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ)) [الأنبياء : ٢٨] فإذا كانت الملائكة لا تشفع إلا للمؤمنين فكذلك الأنبياء ، والاتفاق وقع على أن الفاسق غير مرضي على الإطلاق ، وإنما المرتضى على الإطلاق المؤمن الذي ليس بفاسق ، والآية دلت على أن الشفاعة لمن ارتضاه مطلقا غير مقيد.
وقال تعالى : (ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ) [غافر : ١٨] فقد أخبر الله على سبيل القطع بأنه لا شفيع للظالمين يوم القيامة تقبل شفاعته ، ولا شك أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم مقبول الشفاعة ، فلا يشفع لفاسق ؛ لأن اللام لام الاستغراق والنكرة في سياق النفي للاستغراق ، والفاسق ظالم بلا خلاف بدليل قوله تعالى : (وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [الحجرات : ١١] ولا يقال :
إنه تعالى لم ينف الشفاعة إلا عن جملة الظالمين وهو محل اتفاق ؛ لأنا نقول : لو شفع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لظالم لما صدق العموم فبطل ما قلتموه ، قال تعالى : (وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ) [آل عمران : ١٩٢] ولا نصرة فوق دفع ضرر العقاب ، وقال في الذين كسبوا السيئات : (ما لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ) [يونس : ٢٧].
شبهتهم أن المطيع مستغن بكونه من أهل الجنة عن الشفاعة فلا فائدة فيها.