(باب الوعد والوعيد)
حقيقة الوعد : الخبر عن إيصال نفع أو دفع ضرر إلى الغير في مستقبل الزمان من المخبر إلى المخبر.
فقولنا : الخبر جنس الحد القريب ، وقولنا : عن إيصال نفع ، أو دفع ضرر فصل له عن عكس ذلك ، فإنه وعيد وعما ليس كذلك من الأخبار ، وقولنا : في المستقبل يفصله عن الأخبار في إيصال نفع أو دفع ضرر في الماضي فليس بوعد ، وقولنا : من المخبر إلى المخبر يفصله عن البشارة وهي الإخبار بإيصال ذلك من غير المخبر.
والوعيد : هو الخبر عن إيصال ضرر أو تفويت نفع ... إلخ الحد المتقدم ، والاحترازات فيه تعرف مما ذكر آنفا.
ثم اعلم : أنه لا يجوز خلف الوعد على الله تعالى للمثابين ؛ لأن ذلك أخو الكذب ، وهو يتعالى عنه ؛ لأنه لا يفعل القبيح ، خلافا للمجبرة ، ويحسن منه العفو عن التائب لارتداعه اتفاقا ولا يحسن العفو عن العاصي غير التائب وفاقا للبلخي (١) وابن المعتمر (٢) وخلافا للبصرية. قلنا : يصير كالإغراء وهو قبيح عقلا.
__________________
(١) هو عبد الله بن أحمد بن محمود العكي أبو القاسم البلخي المعتزلي ، إمام معتزلة بغداد ، أخذ الكلام عن أبي الحسين عبد الرحيم بن محمد الخياط ، روى الحديث قليلا وليس بذاك فيه ، له كتاب السند وله كتاب الطبقات والمقالات ، وصحب الإمام محمد بن زيد الداعي وكتب له ، وقال : ما كتبت لأحد إلا استصغرت نفسي إلا محمد بن زيد فكأني أكتب لرسول الله ، وصحب الناصر ، توفي ببلخ في أيام المقتدر.
(٢) هو أبو سهل بشر بن المعتمر الهلالي رئيس معتزلة بغداد من الطبقة السادسة.