(المسألة السادسة والعشرون) : في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
وقد استشكل الإمام عز الدين ـ عليهالسلام ـ جعلها من أصول الدين قال : وأقرب ما يمكن تمحله أن يقال : لما كان باب الوعد والوعيد ينطوي على ذكر الطاعات والمعاصي ، وما يقتضيه وما يجب من التوبة عن ترك الطاعة ، وفعل المعصية ، وذكر أسماء فاعليها وأحكامهم ، حسن وناسب أن يردف بذكر الأمر بوجوب الطاعة والحث عليها ، والنهي عن المعصية ، وأن لا يترك لمريدها سبيلا إليها ، فكما أن في ذلك الباب ذكر أحكام فاعلي الطاعة والمعصية وما ينبغي من حسن المعاملة ، فهذا كلام في بعض ما ينبغي أن يعاملهما به غيرهما من الأمر بالطاعات والنهي عن المعاصي ، ولو إلى حد القتال بعد تحسين المقال.
واعلم : أنه لا خلاف (أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان) على كل مكلف وجوب كفاية ، سواء كان ثم إمام أولا ، ولا اعتداد بما يعزى إلى الحشوية من الخلاف في وجوبه قولا وفعلا ، وأما الإمامية فلم يخالفوا إلا في كيفية وجوبه ، وإلا فقد قالوا بوجوبه قولا لكنهم قالوا : لا يجب فعلا إلا في زمن الإمام.
وقال الأصم : لا يجبان إلا إذا كان ثم إمام مجمع عليه ، وإنما يجبان على قدر الطاقة والإمكان ، فإن لم يقدر ولم يستطع فلا وجوب عليه لقوله تعالى : (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) [التغابن : ٦١] وعلى مراتبه ، فيبدأ بالقول اللين ، فإن حصل به المقصود من الامتثال وإلا تعداه إلى القول الخشن والوعيد ، فإن نفع وإلا فالعصا ثم السيف ، والوجه في هذا الترتيب أن الغرض بالأمر والنهي هو أن يقع المعروف وأن لا يقع المنكر ، فإذا تم الغرض بالأمر فلا وجه للتعدي إلى الوجه الصعب ، ولقوله تعالى : (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [فصلت : ٣٤] ونحوها.
والذي يدل على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أدلة كثيرة منها قوله