(المسألة العاشرة : أن الله سبحانه واحد لا ثاني له في القدم والإلهية)
والواحد يستعمل في معان أحدها : واحد العدد ، وهذا مستحيل في حقه تعالى ؛ لاقتضائه التناهي والتحديد ، وقد يراد به ما لا يقبل التجزي والانقسام ، أما من كل وجه وهذا جائز في حقه تعالى ، ويكون مدحا بانضمامه إلى كونه حيا خلافا لعبّاد ، وأما من بعض الوجوه كالإنسان الواحد والدار الواحد فإنه لا يقبل التجزي من حيث الإنسانية والدارية وإن قبله من جهة أخرى ، وهذا مستحيل في حقه تعالى ، وقد يراد به المختص بصفات الكمال أو بعضها على حد يقبل المشاركة له ، وهذا أيضا مستحيل في حقه تعالى ؛ لأنه يقتضي صحة مشاركة الغير له فيها ، وهذا هو المتعارف به.
(و) أما في اصطلاح المتكلمين : فإنّ (المعنى في ذلك أنه) واحد القدم والإلهية المستحق للعبادة ، وهو (المتفرد بصفات الكمال على حد لا يشاركه فيها غيره على الوجه الذي يستحقها) عليه ، وهو المقصود هنا ، وهذا هو ما ذهب إليه المسلمون كافة ، وخالف في ذلك الوثنية والثنوية والمجوس وبعض النصارى.
(والدليل على) ما ذهب إليه أهل الإسلام (أن الله تعالى واحد لا ثاني له : أنه لو كان له ثان لصح بينهما الاختلاف والتمانع) وصحة الاختلاف والتمانع محال ، فهذان أصلان ، أما الأول : وهو أنه كان يصح بينهما التمانع والاختلاف فلأن اشتراكهما في القدم يقتضي اشتراكهما في القادرية وسائر صفات الذات ؛ لأنه قد عرف أن الشيئين متى كانا مثلين كانا قد اشتركا في صفة ذاتية كالسوادين فإنهما إنما كانا مثلين ؛ لاشتراكهما في كونهما سوادين ، ويجب اشتراكهما في سائر الصفات الذاتية ، وإلا كانا مختلفين ومن حق كل قادرين صحة التمانع بينهما ، وذلك ضروري في الشاهد ، ولا علة لهذه الصحة إلا كونهما قادرين ، بدليل أن العلم بصحة التمانع يدور مع العلم بالقادرية ثبوتا وانتفاء مع فقد ما هو أولى من القادرية بأن تعلق عليه صحة التمانع ، والتمانع : هو أن يفعل كل واحد من القادرين ما لأجله يتعذر على