باب التوحيد
قال القرشي (١) : هو في اللغة : عبارة عن فعل ما يصير به الشيء واحدا انتهى.
يقال : وحّد الشجرة إذا فعل فعلا تبقى به واحدة كقطع أغصانها ، وإبقاء أصلها ، وفي عرفها : هو الخبر عن كون الشيء واحدا.
وفي اصطلاح المتكلمين : هو العلم بالله تعالى ، وما يجب له من الصفات ، وما يستحيل عليه منها ، وأنه لا ثاني له يشاركه في ذلك الحد الذي يستحقه.
وقال علي عليهالسلام (٢) لما سئل عن حد التوحيد : (هو أن لا تتوهمه) ومعناه : أن كل ما خطر ببال ذوي الأفكار فبمعزل عن حقيقة ملكوته ، وجميع ما تنعقد عليه ضمائر أولي الأبصار فعلى خلاف ما ذاته المقدسة عليه من نعوت جبروته ، لا تدرك كنه عظمته الأفهام ، ولا يبلغ شأو كبريائه الأوهام ، جلّ عما يجول به الوسواس ، وعظم عما تكيّفه الحواس ، وكبر عما يحكم به القياس ، إن قيل : أين؟ فهو سابق للمكان ، أو
__________________
(١) يحيى بن حسن القرشي : أحد أعلام الزيدية الكبار ، له العديد من المؤلفات ، أهمها منهاج التحقيق ومحاسن التلفيق مخطوط بمكتبة الجامع الكبير وغيره ، وقد شرحه الإمام عز الدين ـ عليهالسلام ـ بالمعراج ، وشرحه العلامة علي بن محمد البكري بالكوكب الوهاج ، توفي بالعراق ٧٨٠ ه.
(٢) هو أمير المؤمنين وسيد الوصيين ، مستودع الأسرار ، ومطلع الأنوار ، وقسيم الجنة والنار ، وارث علم أنبياء الله ورسله الكرام عليهم أفضل الصلاة والسلام : علي بن أبي طالب ، بويع له ـ صلوات الله عليه ـ يوم الجمعة الثامن عشر من ذي الحجة الحرام سنة ٣٥ ه وفي مثل هذا اليوم كان غدير خم ، ولهذا الاتفاق شأن عجيب ، توفي لإحدى وعشرين ليلة من شهر رمضان بعد أن ضربه أشقى الآخرين ابن ملجم ـ لعنه الله ـ يوم الجمعة ثامن عشر شهر رمضان لأربعين من الهجرة ، قبره في المشهد المقدس بالكوفة.