الآخر إيجاد مراده ، كمتجاذبي الحبل ، فإن كل واحد منهما يفعل من الاعتماد ما لأجله يتعذر على الآخر تحصيل الحبل في جهته التي يجذبه إليهما.
وأما الأصل الثاني : وهو أن صحة التمانع محال ، (فكان يجب إذا أراد أحدهما تحريك جسم وأراد الآخر تسكينه) في حالة واحدة (فلا يخلو الحال من ثلاثة أقسام : إما أن يحصل مرادهما معا فيكون الجسم متحركا ساكنا في حالة واحدة وذلك محال ، وإما أن لا يحصل مرادهما معا فيخلو الجسم من الحركة والسكون ، وذلك محال) وأيضا ففي ذلك خروج عن كونهما قادرين للذات ، (وإما أن يحصل مراد أحدهما دون الآخر ، فمن حصل مراده فهو الإله القديم ، ومن تعذر مراده فهو عاجز ممنوع ، والعجز والمنع لا يجوزان إلا على المحدثات).
فإن قيل : إنهما حكيمان فلا يختلفان في الإرادة والداعي ؛ لأنهما إذا كان حكيمين فالذي يدعو أحدهما إلى الفعل من العلم بحصول منفعة للغير تدعو الآخر إليه ، والذي يدعو أحدهما إلى فعل الإرادة يدعو الآخر ، إذ ليس دواعيهما دواعي حاجة ، فتختلف دواعيهما لاختلاف نفعهما ، وإذا كانا لا يختلفان في الداعي والإرادة لم يتمانعا ، إذ التمانع فرع على اختلاف الدواعي.
قلنا : كلامنا في الصحة لا في الوقوع ، ومعلوم أن كل حيين يصح اختلافهما في الإرادة والداعي ، وإلّا لم ينفصل الحي الواحد من الاثنين على أنه يعلم صحة التمانع من لا يعلم اتحاد الإرادة أو تعددها ، بل يعلمه من ينفي المعاني.
قال الوالد العلامة محمد بن عز الدين المفتي : قلت : وأيضا لو كان متعددا ومنعت الحكمة من تخالفهما لما وصلنا رسول مؤيد بمعجز خارق يدعو إلى أحدهما ومكذب دعوى التعدد ، ومثله ذكره الإمام القاسم بن محمد ـ عليهالسلام ـ في الأساس : (وقد) دل السمع على المنع حيث (قال تعالى : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا)) [الأنبياء : ٢٢] قال جار الله في قوله تعالى : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) دلالة على