والجواب : أن فائدتها بيان مرتبة الشافع وزيادة مسرة المشفوع له ومنافعه ، ونعارضهم بقوله : (وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا) [غافر : ٧] فنقول : لا فائدة في هذا الاستغفار وبالزيادة في قوله : (وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) [النساء : ١٧٣].
قالوا : قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي» ، ونحوه كما رواه أبو هريرة (١) أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «لكل نبي دعوة مستجابة فتعجل كل نبي دعوته وأنا اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة فهي نائلة من مات إن شاء الله من أمتي لا يشرك بالله شيئا» أخرجه البخاري ومسلم ومالك (٢) في الموطأ والترمذي.
والجواب : أن هذه الأحاديث لو صحت لم تخرج عن رتبة الآحاد ، فإن التواتر من حقه كثرة الرواة ، واستواء الطرفين والأوساط في ذلك ، والمسألة قطعية على أن الحديث التالي للحديث الأول وما يشابهه ممكن التأويل بتخفيف جزء من العقاب لا يفضي إلى خلاف ما قضى به رب الأرباب ، هذا مع الصحة التي بها تعارض القاطع ، والذي يحسم المادة أن شفاعة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم للفاسق كيف تليق بخلائقه الشريفة الفائقة أن يقول لرب العزة يوم القيامة : يا رب قد كنت أنزلت عليّ كتابا في الدنيا وبعثتني رسولا إلى الجن والإنس ؛ لأعلّمهم ما شرعت لهم ، وآمرهم بطاعتك وأعدهم عليها ثوابك ، وأنهاهم عن معصيتك ، وأتوعدهم عليها بعقابك ، وأنا الآن أسألك ألّا تفي بذلك ، وأن تصيّر المسيء مع المحسن والمجرم مع المسلم مع قوله : (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ) [القلم : ٣٥] هذا مما لا يستحسنه عاقل ، فكيف به صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو الأعظم حلما وعقلا.
__________________
(١) هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي الملقب بأبي هريرة ، نشأ يتيما ضعيفا في الجاهلية ، وقدم المدينة ورسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) بخيبر فأسلم سنة ٧ ه وتوفي عام ٥٩ ه.
(٢) هو مالك بن أنس بن مالك الأصبحي الحميري أبو عبد الله ، أحد الأئمة الأربعة عند أهل السنة ، مولده : عام ٩٣ ه بالمدينة وتوفي بها عام ١٧٩ ه.