الطريق.
وذهبت الحشوية والكرامية والنواوي (١) إلى أن طريقها : القهر والغلبة ، ولا يخفى بطلان مذهبهم ، فإن الإجماع قائم في وقت الصحابة إلى أن طريقها ليست الغلبة ، وأن الفسقة قد يغلبون ، وقد قال تعالى : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) [البقرة : ١٢٤] وكذلك يبطل قول من قال : إن طريقها الإرث بالإجماع من الصحابة على أنه ليس بطريق ، وإلا لطلبها العباس بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وإنما اختلق هذا المذهب ابن الراوندي تقربا إلى خلفاء السوء.
وأما من قال : إن طريقها النص ، فإنه لا يثبت فيه شيء يعتد به ، ومن قال بذلك فعليه الدليل المتواتر.
ولا بد أن يكون هذا الداعي داعيا (وهو جامع لخصال الإمامة) ، وهي اثنا عشر شرطا ، أهمل المصنف منها ستة وهي : أن يكون بالغا ، عاقلا ، ذكرا ، حرا ، وأن يكون من العترة ، وألا يكون في عصره إمام سبقت دعوته ، وذكر ستة (وهي : العلم ، والورع ، والفضل والشجاعة ، والسخاء ، والقوة على تدبير الأمر).
أما البلوغ والعقل ، فالدليل عليهما ظاهر ؛ لأنه لا ولاية للصغير وغير العاقل على أنفسهما فضلا عن غيرهما.
وأما الشرط الثالث وهي الذكورة : فلأن الأنثى يتعذر عليها التصرف في أمور الإمامة من حيث الجواز ؛ لضرب الحجاب عليها وعدم إباحة الشرع لها رفع الستر.
قال الفقيه حميد : ولأن المرأة مولّى عليها ، فكيف يجوز أن تلي عقد النكاح على غيرها ، وقد قال الله تعالى : (الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ) [النساء : ٣٤] وقد حكى
__________________
(١) النووي : هو الحافظ محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف الدين النووي ، ولد في المحرم سنة إحدى وثلاثين وستمائة ، بنوى من أعمال دمشق ، صنف شرح مسلم ، ورياض الصالحين ، والأذكار ومؤلفاته كثيرة ، وكان زاهدا ومات سنة ٦٧٦ بنوى محل مولده وبلده.