أصحابنا الإجماع من الأمة على اشتراط الذكورة ، وقد حكى أيضا بعض أصحابنا الاتفاق على اشتراط البلوغ والعقل والحرية والسخاء والشجاعة والتدبير.
وأما الرابع وهو كونه حرّا : فلأنه لو كان عبدا لكان مملوك التصرف ، فلا ولاية له على نفسه فأولى على غيره. والخامس والسادس سيأتيان.
وأما الستة التي ذكرها المصنف فقد بينها بقوله : (وهي العلم) ؛ لأن الغرض الذي نصب له الإمام لا يتم إلا بالعلم ، ثم لا يكفي أن يكون عالما ، بل لا بد أن يكون مجتهدا عند أهل العدل وغيرهم.
وذهب الغزالي والإمام يحيى : إلى أنه يصح أن يكون مقلدا.
قيل : وهما مسبوقان بالإجماع ، وليس المراد بكونه مجتهدا أن يكون حافظا لأقوال الفقهاء وكتبهم وترتيب أبوابها ، مستحضرا لجميع المسائل ، فإن مثل ذلك لا يكاد يتفق ، ولكن لا بد من أن يتمكن من إيراد الأدلة وحمل المتشابه على المحكم ، وترجيح بعض الأقوال الفقهية على بعض ، ولا بد أن يكون مجودا في علم الكلام حتى يتمكن من إرشاد الضال وحل الشبهة ، ولن يتفق له ما تقدم إلا بأن يكون له علم بالأصول ، فيكون عالما بأنواع الخطاب التي هي الأمر والنهي والخبر ونحو ذلك ؛ لأنها هي الأدلة ، وكيفية دلالتها وكيفية الاستدلال بحقائقها ، ومجازاتها وصريحاتها ومفهوماتها ومفرداتها ومشتركاتها ، ويعلم الخاص لئلا يلغيه ، والناسخ لئلا يعمل على المنسوخ ، وكذا في سائر أبواب أصول الفقه ، ولا بد أن يكون مجودا في العلم بكتاب الله ، فيعلم منه ما يتعلق بالشرعيات ، قيل : وهي خمسمائة آية ، وقيل : أكثر ، وليس من شرطها أن يحفظها ، ولكن يعلم مواضعها ؛ ليطلبها عند الحاجة ، وأن يكون مجودا في العلم بالسّنة ، فيعلم أيضا ما يتعلق بالاجتهاديات ، وكذلك يعلم أحوال الرواة ، وكيفية الرواية ، ووجوه الترجيح ، وقيل : لا يشترط.
قال في ديباجة البحر ما لفظه : فأما علم أحوال الرواة تفصيلا ، وانتقاد أشخاصهم