جرحا وتعديلا فقبول المراسيل أسقطه ، وإنكاره سفسطة ، فإنه لما كان غاية محصوله التظنين ، ولم يستثمر به العلم اليقين حكم فحول علماء الأصول بقبول مراسيل العدول ، وأن رواية العالم العدل تعديل حيث لا يرى قبول المجاهيل. انتهى.
قال الإمام عز الدين : قلت بالغ ـ عليهالسلام ـ في تسهيل الأمر وتيسيره كما بالغ حي السيد العلامة علي بن محمد بن أبي القاسم (١) في تنكيده وتعسيره ، وخير الأمور أوسطها ، ولا أقل للمجتهد أن يطلع على نبذة وافية من علم الحديث وأحوال الرجال ، وما يفتقر إليه الإسناد ، ولا بد أن يكون مجودا في علم العربية ، فيعلم ما يحتاج إليه ، كمختصر في النحو ، وطرف من اللغة ، والعلم بطرق المعاني والبيان ، فقد عرفت بذلك بيان ما يحتاج إليه ، وهو علم الأصوليين على خلاف في أصول الدين ، لكن ينبغي التحقيق في أصول الدين فإنه أساس الاجتهاد ، وعلم شيء من أحكام القرآن ومن السنة ، ككتاب الشفاء ، أو سنن أبي داود (٢) ، وعلم العربية فهذه خمسة علوم.
وأما المنطق فمنهم من اعتبره ، والأصح أنه غير محتاج إليه.
وأما الفقه فقيل : لا يحتاج أن يعلم منه إلا مسائل الإجماع القطعية لئلا يخالفها باجتهاده ، وأما المسائل غير المجمع عليها فليس العلم بها من علوم الاجتهاد ، وإنما هي تستنج بعلوم الاجتهاد ، فإنه إذا علم مسائل الإجماع وآيات الأحكام ، وجملة صالحة من
__________________
(١) علي بن محمد أبي القاسم : ينتهي نسبه إلى الإمام نجم آل الرسول القاسم بن إبراهيم ـ عليهالسلام ـ هو العالم الكبير ، والجهبذ الخطير ، قرأ على إسماعيل بن إبراهيم النجراني في التفسير وغيره ، وعلى ناجي بن مسعود ، وعلى أحمد بن سليمان الأوزري في الحديث وغيرهم ، وكان ـ رحمهالله ـ مقدما سابقا في جميع العلوم ، بالفضائل معروف ، وبخصال الكمال موصوف ، له مؤلفات في التفسير منها التحرير ، اثنى عليه الإمام عز الدين ـ عليهالسلام ـ ، وله التفسير الكبير وغيره ، وله مؤلف في العربية ، وهو شيخ محمد بن إبراهيم الوزير ، وجرت بينهما وحشة سببت لتأليف رسالة من السيد ، أجاب عنها محمد بن إبراهيم بالعواصم والقواصم ، توفي ـ رحمهالله ـ سنة ٨٣٧ ، ا. ه.
(٢) أبو داود : هو الحافظ سليمان بن الأشعث السجستاني ، ولد سنة اثنتين ومائتين ، وتوفي لأربع عشرة بقين من شوال سنة خمس وسبعين ومائتين ، له السنن في الحديث مشهورة ا. ه.