القديم لا فاعل له ولا لشيء من صفاته ، ولأن تأثير الفاعل لا يتعدى تأثير إحداث الذات وإخراجها من العدم إلى الوجود وتوابع الحدوث ، وهي الوجوه التي يقع عليها الفعل ككون الكلام أمرا أو خبرا ، وكون الفعل طاعة أو معصية. والثالث : باطل ؛ لأن المعنى إن كان قديما لزم أن يشتهي أكثر المشتهيات فيوجد أكثر مما أوجد قبل الوقت الذي أوجد فيه ، وإن كان معدوما فلا اختصاص للشهوة المعدومة لمشتهى دون مشتهى ، وإن كان المعنى محدثا لزم ذلك أيضا ، ومثل هذا الكلام يجيء في أنه تعالى لا يجوز أن يكون نافرا إلا في كونه نافرا بنفار محدث ، فإنه يقال : لو جاز عليه النفار المحدث لجازت عليه الشهوة المحدثة ، إذ لو قلنا : كان يلزم أن يكون ملجأ إلى أن لا يخلق شيئا من النفرة ولا من المنفّر لكان لقائل أن يقول : إنه يخلق لنفسه نفرة عن منفرات لم يخلقها ، ولا يخلق نفرة عن المنفرات التي خلقها (فثبت بذلك) المذكور من الأدلة (أن الله تعالى غني) لا يحتاج إلى شيء أصلا.
تنبيه : قال أصحابنا : يلزم المكلف في هذه المسألة أن يعلم أن الله تعالى غني لا تجوز عليه الحاجة في شيء أصلا ، لا في الدنيا ولا في الآخرة ، وأنه غني فيما لم يزل وفيما لا يزال ، ولا تجوز عليه الحاجة في حال من الأحوال.