ورواه من علماء الجمهور الحافظ أبو بكر بن مردويه على ما نقله عنه صاحب كشف الغمّة (١) عن جابر بن عبد الله ، أنّه سمع النبيّ صلىاللهعليهوآله يقول : النّاس من شجر شتّى ، وأنا وأنت يا عليّ من شجرة واحدة ، ثمّ قرأ النبيّ صلىاللهعليهوآله الآية ...
ويشهد له أخبار اتّحادهما في النور ، وكونهما نورا واحدا إلى صلب عبد المطلب ، فقسمه قسمين ؛ رواه الفريقان ، وآية «أنفسنا» وأخبار «عليّ منّي وأنا من عليّ» (٢) ، ضرورة أنّ مفادها اتّحادهما في الحقيقة النوريّة.
إذا عرفت هذا ، فلا ريب أنّ عليّا عليهالسلام إذا كان من طينة محمّد صلىاللهعليهوآله ، كان معصوما متخلّقا بأخلاقه الشريفة ، متأدّبا بآدابه الرفيعة ، فائقا به عامّة الخلائق ، من ملك مقرّب ونبيّ مرسل ، لأنّه كنفس النبيّ صلىاللهعليهوآله وهو أفضل الخلائق أجمعين.
ويشعر بكونه أفضل ذيل الآية (يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ) يعني ماء الرحمة (٣) قد نزل على الكلّ ، وإنّما الفضل بواسطة طهارة المحلّ (٤) وطيبه كقطع الأراضي ، فيدلّ على طهارة عليّ عليهالسلام من رجس الآثام ، فيكون معصوما وأفضل من الأمّة بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فيكون إماما على من سواه من الأمّة حتّى على الثلاثة ، لقبح تقديم المفضول على الفاضل (٥).
__________________
(١) ـ كشف الغمّة ١ : ٤٣٤ ، نقلا عن ابن مردويه.
(٢) ـ مسند أحمد ٤ : ٤٣٧ و ٤٣٨ ؛ صحيح البخاريّ ٥ : ٢٢ ، ١٨٠ ، مناقب عليّ عليهالسلام ؛ سنن الترمذيّ ٥ : ٢٩٦ ح ٣٧٩٦ ؛ سنن ابن ماجة ١ : ٤٤ ح ١١٩ ؛ خصائص الإمام عليّ عليهالسلام للنسائيّ ٦٣ ؛ كفاية الطالب ١٤١ ؛ المستدرك على الصحيحين ٣ : ١١٠ ؛ تذكرة الخواصّ ٤٦.
(٣) ـ وهو ماء الوجود. (منه)
(٤) ـ والمراد به الماء منه كما لا يخفى. (منه)
(٥) ـ وقد عرفت أنّ الإمامة العامّة والخلافة المطلقة التامة تقتضي الأفضليّة والأكمليّة في جميع الفضائل الإنسانيّة والكمالات البشريّة بالنسبة إلى جميع الرعيّة ، والإمامة الحقّة والولاية المطلقة رئاسة إلهيّة وزعامة دينيّة وخلافة ربانيّة ، يقبح عقلا جعلها لمن هو مفضول بالنسبة إلى مأمومه ، وأمر الفاضل والأكمل ـ