قال : «آدم ومن دونه تحت لوائي» (١).
وقد نصّ على أنّ حامله بين يديه يوم القيامة هو عليّ بن أبي طالب عليهالسلام إلى الجنّة ، بنصّ الخاصّة والعامّة ، وهذا صورة وقالب لمعنى المرتبة الجامعة الحاوية لجميع مراتب الكمال ، فإنّها لا أعظم ولا أجلّ منها ، لشدّة امتدادها وقوّة إحاطتها بحيث يكون الكلّ إنّما يستفيدون الكمال منها ، فكلّ كمال وجمال في عالم المعاني وفي عالم الأشباح والصور مستعار من جماله وكماله في تلك المرتبة الجامعة الحاوية ؛ فهي لواء الحمد الجامع لمحامد الخصال ومحاسن الجمال ومجامع الكمال ، فيكون آدم ومن دونه تحت لوائه لما تقرّر في محلّه أن لا ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل إلّا وهو مستفيض من ينبوعه ، ويستضيء بشمس نوره. ولذا قال : «آدم ومن دونه تحت لوائي» فاستظلال آدم ومن دونه بلوائه استظلال صوريّ ، ودليل على استظلال نوريّ ، وعليّ هو حامل ذلك اللواء ، إذ لا يطيق أحد ذلك غيره ، وهذا يطابق قوله الثابت بنقل ثقات الفريقين «أنا مدينة العلم وعليّ بابها» (٢).
وبالجملة كونه حامل لوائه يوم القيامة إشارة لطيفة إلى كونه خليفة عنه في الدنيا ، لأنّ اللواء المذكور صورة المرتبة الجامعة والشريعة الكاملة. لا يخفى ذلك على أولي الألباب ، وهذا دليل على أنّ عليّا عليهالسلام أفضل الخلق أجمعين بعد النبيّ صلىاللهعليهوآله ، لأنّه صاحب اللواء والمرتبة الجامعة ، وقد أشار إليه في هذا الحديث الشريف بقوله : «ثمّ تسير باللواء ، والحسن عن يمينك ، والحسين عن شمالك ، حتّى تقف بيني وبين أبي إبراهيم في ظلّ العرش» (٣). فيكون موقف عليّ أقدم من
__________________
(١) ـ الفضائل لابن شاذان ١٢٠ ؛ مشارق أنوار اليقين ١٨٨.
(٢) ـ الإرشاد للمفيد ١ : ٣٣ ؛ ذخائر العقبى لمحبّ الدين الطبري ٧٧ ؛ المستدرك ٣ : ١٢٦ و ١٢٧ ؛ تاريخ بغداد ٤ : ٢٤٨.
(٣) ـ مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ٣ : ٢٦٣.