وفي قوله تعالى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) ، روى أبو نعيم (١) بإسناده إلى أبي سعيد الخدريّ ، قال : إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله دعا النّاس إلى عليّ عليهالسلام في غدير خمّ ، وأمر بما تحت الشجرة من الشّوك فقمّ ، فقام فأخذ بضبعي عليّ فرفعهما ينظر النّاس إلى بياض إبطي رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ثمّ لم يتفرّقوا حتّى نزلت هذه الآية (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : الله أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة ورضى الربّ برسالتي وبولاية عليّ من بعدي ، ثمّ قال : من كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه ، وانصر من نصره واخذل من خذله.
وقال الجزريّ (٢) ـ من علماء الجمهور ـ في كتاب أسنى المناقب في فضائل عليّ بن أبي طالب عليهالسلام.
اعلم أنّ حديث «من كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه ، صحيح من وجوه كثيرة ، تواتر عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، وهو متواتر عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أيضا ، رواه الجمّ الغفير عن الجمّ الغفير ، ولا عبرة بمن حاول انكاره ممّن لا اطّلاع له في هذا العلم ، فقد ورد مرفوعا من حديث ثمانية وعشرين صحابيّا أيضا ، وثبت أنّ هذا القول منه يوم غدير خمّ.
وقد عرفت أنّ أحمد بن حنبل أخرجه في المسند (٣) والفضائل بطرق كثيرة صحيحة حسنة ، من ذلك ما رواه عن زاذان ، قال : سمعت عليّا عليهالسلام ينشد النّاس في الرّحبة (٤) ، ويقول : أنشد الله رجلا سمع رسول الله يقول يوم غدير خمّ «من كنت مولاه فعليّ مولاه» ؛ فقام ثلاثة عشر رجلا من الصّحابة ، فشهدوا أنّهم سمعوا
__________________
(١) النور المشتعل من كتاب ما نزل ٨٦.
(٢) أسنى المطالب ٤٨.
(٣) مسند أحمد بن حنبل ١ : ٨٤.
(٤) الرّحبة : رحبة المسجد والدار ـ بالتحريك ـ ساحتهما ومتّسعهما. والرحبة في الحديث هي رحبة مسجد الكوفة.