رأيت كتابا ضخيما في مجلّدين ، كلّه طرق هذه الرواية ، يعني رواية «من كنت مولاه» في يوم غدير خمّ ، وكتابا جمع فيه طرق حديث الطير المشويّ.
بل قال أبو المعالي الجوينيّ (١) من أعاظم المخالفين متعجّبا : إنّي رأيت كتابا في بغداد مكتوبا عليه «المجلّد الثامن والعشرون من مجلّدات هذه الرواية ويتلوه المجلّد التاسع والعشرون».
وقد حكى هذه الحكاية بعض الفضلاء الأعلام في كتاب صنّفه في الإمامة عن أبيه ، أنّه رآه أيضا في بغداد عند صحّاف ؛ وقد اشتهرت بين أرباب السير على وجه لا ينكر ولا يؤوّل ، وله شواهد أخرى ستعرف بعضها فيما يأتي إن شاء الله.
قال أبو الحسن الواحديّ (٢) عليّ بن أحمد ـ من أكابر علماء المخالفين ـ في تفسيره : هذه الولاية الّتي أثبتها النبيّ صلىاللهعليهوآله لعليّ عليهالسلام مسئول عنها يوم القيامة. وروى قوله تعالى (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ) (٣) : أي عن ولاية عليّ عليهالسلام ، والمعنى أنّهم يسألون هل والوه حقّ الموالاة كما أوصاهم النبيّ صلىاللهعليهوآله ، أضاعوها وأهملوها؟
قال الغزاليّ في كتاب له سمّاه سرّ العالمين وكشف ما في الدارين : لكن أسفرت الحجّة وجهها ، وأجمع الجماهير على متن الحديث عن خطبة يوم غدير خمّ ، باتّفاق الجميع وهو يقول : من كنت مولاه فعليّ مولاه ، فقال عمر بن الخطاب : بخّ بخّ لك يا أبا الحسن ، أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة ؛ إلى
__________________
ـ جرير جمع طرق حديث غدير خمّ في أربعة أجزاء. قال : رأيت شطره فبهرني سعة رواياته وجزمت بوقوع ذلك.
(١) نهج الايمان ١٣٣ ، وفيه : قال أبو المعالي الجوينيّ : شاهدت مجلّدا ببغداد في يد صحّاف فيه روايات هذا الخبر مكتوبا عليه «المجلّدة الثامنة والعشرون من طرق قوله «من كنت مولاه فعليّ مولاه» ويتلوه المجلّدة التاسعة والعشرون».
(٢) الصواعق المحرقة ١٤٩.
(٣) الصافات : ٢٤.