أن قال الغزاليّ : وهذا يعني قول عمر بالبخبخة والاعتراف بالمولويّة لأمير المؤمنين عليهالسلام عليه وعلى كلّ مؤمن ومؤمنة ، وهذا تسليم ورضا وتحكيم ؛ ثمّ بعد هذا غلب عليه الهوى لحبّ الرئاسة وحمل عمود الخلافة وعقود البنود وخفقان الهوى في قعقعة الرايات واشتباك ازدحام الخيول وفتح الأمصار ؛ فسقاهم كأس الهوى ، فعادوا إلى الخلاف الأوّل ـ وفي بعض النسخ : إلى الجاهلية ـ (فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ ما يَشْتَرُونَ) (١) (٢).
وقد نقل عنه لفظه هذا بعينه ابن الجوزيّ في تذكرة الخواصّ (٣) ، والقاضي زاده عن كتاب سرّ العالمين ؛ فدلّ على أنّ الكتاب له : ولا يسع انكار بعض الجهّال كونه له ، وأنت خبير بأنّ هذا من الغزاليّ وهو من أكابر أئمّتهم في المذهب دعوى الإجماع على صحّة الخبر المذكور المشهور من قوله «من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه» ... وتواتره لنقل الثقات ، وأنّه تكفير صريح للثلاثة وأتباعهم ، والعجب من قولهم مع ذلك بإمامة الثلاثة ووجوب طاعتهم ، وكأنّهم يرون أنّ إجماع الأمّة على إمامة أبي بكر نسخ حكم الله ورسوله في غدير خمّ بولاية عليّ عليهالسلام ومولويّته. وقبول أبي بكر وعمر ذلك والبخبخة (٤). أو يقولون : بأنّ الإجماع على
__________________
(١) سرّ العالمين ١٦ ، ١٧. وفيه : ولمّا مات رسول الله صلىاللهعليهوآله قال قبل وفاته : ائتوني بدواة وبياض لازيل عنكم إشكال الأمر ، وأذكر لكم من المستحقّ لها بعدي. قال عمر : دعوا الرّجل فإنّه ليهجر ، وقيل : يهذو.
(٢) آل عمران : ١٨٧.
(٣) تذكرة الخواصّ ٢٩.
(٤) قال سعيد بن المسيب : قلت لسعد بن أبي وقاص : إنّي أريد أن أسألك عن شيء ، وإنّي أتهيّبك ، قال : سل عمّا بدا لك ، فإنّما أنا عمّك. قلت : مقام رسول الله صلىاللهعليهوآله يوم غدير خمّ فيكم؟ قال : نعم ، قام فينا رسول الله صلىاللهعليهوآله بالظهيرة ، فأخذ بيد عليّ ، فقال : «من كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه».
فقال أبو بكر وعمر : أمسيت يا بن أبي طالب مولى كلّ مؤمن ومؤمنة.