الحسين بن نصر الحذّاء ، حدّثنا علي بن المديني ، حدّثنا حسّان بن إبراهيم بن زياد أبو هشام الكرماني ، حدّثنا عطية بن عطية ، حدّثنا عطاء بن أبي رباح ، أنّه سمع عمرو بن شعيب يقول : كنت عند سعيد بن المسيب جالسا فذكروا رجالا يقولون : إنّ الله قدر كل شيء ما خلا الأعمال! قال : فو الله ما رأيت سعيدا غضب قط [غضبا] (١) أشد منه حتى همّ بالقيام ، ثمّ سكن فقال : تكلموا به! أما والله لقد سمعت فيهم حديثا كفاهم به شرا ، وويحهم لو يعلمون. قال : قلت : رحمك الله يا أبا محمد وما هو؟ قال : فنظر إليّ وقد سكن بعض غضبه فقال : حدّثني رافع بن خديج أنّه سمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «يكون قوم في أمتي يكفرون بالله وبالقرآن ، وهم لا يشعرون ، كما / كفرت به اليهود والنصارى» قال فقلت يا رسول الله كيف ذلك؟ قال : «يقرون ببعض القدر ويكفرون ببعضه» قال : قلت ما يقولون؟ قال : «يجعلون إبليس عدلا لله في خلقه وقوله ، ويقولون : الخير من الله ، والشرّ من إبليس ، فيكفرون بعد الإيمان والمعرفة بالقرآن ، ما يلقى أمتي منهم من العداوة والبغضاء والجدال ، أولئك زنادقة هذه الأمّة قال : ثمّ يبعث الله طاعونا فتفنى عامتهم ، ثمّ يكون خسف فما أقلّ من ينجو منه ، المؤمن يومئذ قليل فرحه ، شديد غمّه ، ثمّ يكون المسخ ، فيمسخ الله عامّة أولئك قردة وخنازير ، ثمّ يخرج الدجال على إثر ذلك قريبا» ثم بكى رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى بكينا لبكائه قلنا : ما يبكيك يا رسول الله قال : «رحمة لهم الأشقياء ، منهم المتعبد ، ومنهم المجتهد ، مع أنّهم ليسوا بأول من سبق إلى هذا القول ، وضاق بحمله ذرعا ، إنّ عامّة من هلك من بني إسرائيل بالتكذيب بالقدر» قال : قلنا : يا رسول الله كيف الإيمان بالقدر؟ قال : «يؤمن بالله وحده ، وأنّه لا يملك معه أحد ضرا ولا نفعا ، ويؤمن بالجنّة والنّار ، ويعلم أنّ الله خلقهما قبل خلق الخلق ، وخلق خلقا فجعل من شاء منهم إلى الجنّة ، ومن شاء منهم إلى النار عدل ذلك منه ، وكل يعمل بما خلق له وهو صائر إلى ما خلق» ، قال : قلت صدق الله ورسوله ـ أو كما قال ـ.
٢٠٢ ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدّثنا أبو العبّاس ـ هو
__________________
(١) زيادة يقتضيها السياق ، وهي مثبتة من «الإبانة» لابن بطة (١٥١٧) و «شرح اعتقاد أصول أهل السّنة» للالكائي (١٠٩٩) وغيرهما.