قال الشيخ أبو بكر بن إسحاق : الظلم عند العرب هو فعل ما ليس للفاعل فعله ، وليس من شيء فعله الله إلّا وله فعله ألا ترى أنّه فعل بالأطفال والمجانين والبهائم ما شاء من أنواع البلاء فقال : (أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً) (١) فأغرقهم صغيرهم وكبيرهم وقال : (وَفِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ) (٢) وغير ذلك من الآيات الواردة في تعذيب الصغير والكبير والأطفال والمجانين بأنواع البلاء.
٣٥١ ـ أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى بن الفضل ، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفّار ، أنا أبو الحسن محمد بن النضر الزبيري الأصبهاني ـ بأصبهان ولقبه حمشاذ ـ أنا بكر بن بكّار أبو عمرو القيسي ، أنا عزرة بن ثابت ، أنا يحيى بن عقيل ، عن يحيى بن يعمر ، عن أبي الأسود الديلي ، قال : قال لي عمران بن حصين ذات يوم : أرأيت ما يعمل الناس اليوم فيه ويكدحون فيه ، شيء قدر عليهم ومضى عليهم من قدر قد سبق أو فيما / يستقبلون مما جاءهم به نبيهم واتخذت عليهم فيه الحجة؟ قال : قلت : لا ، بل شيء قضي عليهم ومضى عليهم من قدر قد سبق. فقال : فهل يكون ذلك ظلما؟ قال : ففزعت من ذلك فزعا شديدا وقلت : إنه ليس شيء إلا وهو خلق الله وملك يمينه : (لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ) (٣) قال : سددك الله إنّما أردت أن أجرب عقلك ، إنّ رجلا أتى من جهينة إلى النبيّ صلىاللهعليهوسلم فقال : يا رسول الله أرأيت ما يعمل الناس ويكدحون فيه أشيء قضي عليهم ومضى عليهم من قدر قد سبق أو فيما يستقبلون فيما جاءهم به نبيهم واتخذت عليهم فيه الحجة؟ قال : «لا بل شيء قد قضي عليهم ، ومضى عليهم من قدر قد سبق» قال : ففيم يعملون إذا؟ قال : «من خلقه الله ـ عزوجل ـ لواحدة من المنزلتين [هيأه] (٤) لعملها ، وتصديق
__________________
(١) سورة نوح ، الآية رقم (٢٥).
(٢) سورة الذاريات ، الآية رقم (٤١).
(٣) في الأصل [هيأ] وما أثبت من «صحيح مسلم» (٤ / ٢٠٤١).
(٤) سورة الأنبياء ، الآية رقم (٢٣).