سراقة بن مالك بن جعشم قال : يا رسول الله بين لنا ديننا كأنّا خلقنا الآن فيما العمل اليوم؟ فيما جفّت به الأقلام وجرت به المقادير أم فيما نستقبل؟ قال : لا بل فيما جفّت به الأقلام وجرت به المقادير قال : ففيم العمل؟ قال زهير ـ أحد رواة الحديث ـ ثم تكلم أبو الزبير ـ وهو الراوي عن جابر ـ رضي الله عنه ـ بشيء لم أفهمه ، فسألت ما قال؟ فقال اعملوا فكل ميسّر» (١).
ويدخل في الإيمان بكتابة المقادير خمسة وهي :
التقدير الأول : التقدير الأزلي قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة عند ما خلق الله القلم. ودليل هذا التقدير ما تقدم من أدلة مرتبة المشيئة ويضاف إليها :
١ ـ حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنهما ـ قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة قال : وعرشه على الماء» (٢).
٢ ـ حديث عبادة بن الصامت ـ رضي الله عنه ـ أنّه قال لابنه : يا بنيّ إنّك لن تجد طعم حقيقة الإيمان حتى تعلم أنّ ما أصابك لم يكن ليخطئك ، وما أخطأك لم يكن ليصيبك ، سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إنّ أوّل ما خلق الله القلم فقال له : اكتب قال : ربّ وما ذا أكتب؟ قال : مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة» يا بني إنّي سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «من مات على غير هذا فليس مني» (٣).
التقدير الثاني : التقدير حين أخذ الميثاق على بني آدم وهم على ظهر أبيهم آدم ودليل هذا التقدير ما تقدم في مرتبة الكتابة ويضاف إليها :
١ ـ قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ
__________________
(١) أخرجه مسلم في «كتاب القدر» (٤ / ٢٠٤٠) باب : كيفية الخلق الآدمي في بطن أمه.
(٢) أخرجه مسلم في «كتاب القدر» (٤ / ٢٠٤٤).
(٣) أخرجه أبو داود في «السنن» باب : في القدر (٤٧٠٠) من كتاب السنة.