وإن كان الثاني فحينئذ إله العالم ليس إلا تلك الذات المجردة عن الصفات ، فهذه الصفات تكون زائدة على الإله مغايرة لها فوجب نفيها.
والجواب عن الشبهة الأولى : إنها بناء على أن الواحد لا يصدر عنه إلا الواحد ، وعلى أن الشيء الواحد لا يكون قابلا وفاعلا معا. وعلى أن علة الحاجة إلى المؤثر ، إما الحدوث وإما الإمكان ، بشرط الحدوث. وهذه الأصول الثلاثة قد سبق القدح فيها على الاستقصاء ، فلا فائدة في الإعادة.
والجواب عن الشبهة الثانية : أن نقول : ذاته المخصوصة من حيث هي هي كاملة لعينها ولذاتها ، ومن لوازم ذلك الكمال إيجابها لصفة العلم (١) وعلى هذا التقدير فالشبهة زائلة.
والجواب عن الشبهة الثالثة : إنه إن لزم نفي العلم لكون العلم نسبة موقوفة على حصول المضاف الثاني ، لزم كونه مؤثرا في وجود العالم ، لأن المؤثر أيضا من باب النسب والإضافات.
والجواب عن الشبهة الرابعة : إن أبعد الأشياء عن طبائع الكثرة : الوحدة ، ثم إنها نصف الاثنين ، وثلث الثلاثة ، وربع الأربعة ، وهلم جرا ، إلى ما لا نهاية له من النسب. فيثبت : أن كثرة الإضافات والنسب لا يقدح في حصول الوحدة الذاتية. فهذا تمام الكلام في هذا الباب والله أعلم.
__________________
(١) العلم (س).