يوجب أن يصير غير المتناهي مضاعفا مرات غير متناهية ، وذلك محال ، لأن التضعيف عبارة عن ضم شيء إلى شيء آخر ، وضم أحد الشيئين إلى الآخر ، إنما يكون لو كان كل واحد منهما خارجا عن الآخر ، والشيء الذي يخرج عنه غيره يكون متناهيا فيثبت أن قبول التضعيف والتثنية من خواص المتناهي (فغير المتناهى) (١) لا يكون قابلا له. وهذا تمام الكلام في حكاية شبهات المخالفين.
واعلم. أن الشبهة الأولى ، وهي قوله : إنه تعالى (لو كان) (٢) عالما بالجزئيات قبل وقوعها ، لوجب بطلان الربوبية والعبودية ، فهذا إشارة إلى أن القول بالحيز يوجب هذا المحال. وسيأتي الكلام فيه في مسئلة الحيز. وأما الشبهة الثانية : وهي قولهم : المعدوم يمتنع أن يكون معدوما. فقد أبطلناه بالدلائل القاهرة في أول هذا الفصل. وأما الشبهة الثالثة : وهي أن العلم بالعلم بالشيء مغاير للعلم بالشيء ، فهذا يقتضي وجود أسباب ومسببات لا آخر لها ، ولا يقتضي نفي الأولية عنها وأما الشبهة الرابعة. وهي قولهم : ما لا نهاية له لا يحصل فيه الامتياز. فجوابه : إن كل واحد منها ممتاز عن غيره ، وذلك يكفي في كون كل واحد منها معلوما. وأما الشبهة الخامسة : وهي قولهم : إنه يلزم حصول صفات لا نهاية لها (في ذاته تعالى) (٣) فجوابه : إن هذه التعلقات نسب وإضافات غير متناهية (وحصول نسب وإضافات غير متناهية) (٤) لا يكون ممتنعا بدليل أن واحد نصف الاثنين وثلث الثلاثة وربع الأربعة. فهذه النسب غير متناهية ، وهي بأسرها حاصلة ، فيثبت أن القول بهذا غير ممتنع. والله أعلم.
__________________
(١) من (م).
(٢) زيادة.
(٣) من (س).
(٤) من (س).