وقيل : الحق باقي ببقائه ، والخلق باقي بإبقائه.
الاسم الخامس : الوارث قال تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْها) (١) وقال : (وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (٢) واعلم أن مالك جميع الممكنات هو الله ـ سبحانه ـ ولكنه بفضله جعل بعض الأشياء ملكا لبعض عباده ، فالعبد إذا مات ، وبقي الحق ـ سبحانه ـ عادت تلك الأملاك إلى المالك الحقيقي ، فكان هذا هو المراد من كونه وارثا. فالحاصل : أن المراد من كونه وارثا : كونه باقيا بعد فناء الخلق ، كما قال : (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ؟ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) (٣).
الاسم السادس : الأول والآخر والظاهر والباطن واعلم أن المؤثر متقدم بالذات ، وبالعلية على الأثر ، فإذا ابتدأت بالمؤثر ونزلت منه إلى الأثر ، كان المؤثر هو الأول ، وإذا صعدت من الأثر إلى المؤثر كان المؤثر هو الآخر. وبهذا الطريق يظهر أنه لما كان مبدأ أولا لجميع الممكنات ، لزم كونه أولا عند النزول (٤) إلى الممكنات ، وكونه آخرا عند الصعود من الممكنات ، ويكون ظاهرا لأن الأثر يدل على وجود المؤثر ، ويكون باطنا لأن العلم بالمعلول لا يفيد العلم بماهية العلة البتة ، وإنما الغاية القوى فيه : أن يدل على وجود العلة (فهو ظاهر لدلالة مخلوقاته على وجوده) (٥) وباطنا لقصور مخلوقاته عن الدلالة على ماهيته المعينة ، وحقيقته المخصوصة. ويجب البحث هاهنا عن أسرار هذه الألفاظ الأربعة (٦). أما الأول: فهو الفرد السابق ، والذي يدل على أنه كذلك : أنه لا شك في وجود الموجودات الكثيرة. فنقول : إنها إما أن تكون بأسرها ممكنة الوجود ، أو واجبة الوجود ، أو يكون بعضها ممكنا وبعضها
__________________
(١) مريم (٤٠).
(٢) الحديد (١٠).
(٣) غافر (١٦).
(٤) الزوال (م).
(٥) من (م).
(٦) الأول والآخر والظاهر والباطن.