من التوكل أن لا ترى لنفسك ناصرا غيره ، ولا لرزقك حارثا غيره ، ولا لعملك شاهدا غيره».
الاسم الخامس عشر والسادس عشر : الجليل وذو الجلال. (اعلم أن الجليل غير وارد في القرآن ، لأن الجليل هو بعينه ذو الجلال) (١) وهذا اللفظ وارد في القرآن في سورة الرحمن مرتين : قال تعالى : (وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) (٢) وقال في آخر السورة : (تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) (٣) واعلم أن الكبير اسم لكمال الذات والجليل اسم لكمال الصفات ، والعظيم اسم لكمال الذات والصفات والأفعال ، فالجليل يفيد كمال الصفات السلبية والثبوتية ، أما كمال الصفات (السلبية فهو أنه تعالى منزه عن الضد والند والشريك والمكان والزمان وأما كمال الصفات) (٤) الثبوتية فهو كونه تعالى موصوفا بالعلم التام والقدرة التامة. إذا عرفت هذا فنقول : الجليل فعيل ، فيحتمل أن يكون بمعنى الفعل ، أو بمعنى المفعول ، أو بمعنى الفاعل. أما بمعنى الفعل فهو أنه بمعنى أنه يجل المؤمنين ويكرمهم ويعظمهم (فعلى هذا التفسير) (٥) فقوله ذو (الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) معناه : ذو الجلال والإكرام وأما بمعنى المفعول فمعناه أنه سبحانه يستحق أن يجل ويكرم ، ولا يجحد وجوده ، ولا يكفر بإلهيته. وأما بمعنى الفاعل فمعناه كونه موصوفا بصفات الجلال. قال بعضهم «الجليل الذي جلّ من قصده ، وذل من طرده» وقيل : «الجليل الذي جل قدره في قلوب العارفين ، وعظم خطره في نفوس المحبين».
الاسم السابع عشر : العظيم. قال تعالى : (وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) (٦) واعلم أنه سبحانه ليس عظيما بسبب عظم الجثة ، لأن هذا محال في حقه ، بل (معنى كونه) (٧) عظيما (أنه عظيم في) (٨) كمال ذاته وصفاته وأفعاله. فقد
__________________
(١) من (س).
(٢) الرحمن (٢٧).
(٣) الرحمن (٧٨).
(٤) من (م).
(٥) من (م).
(٦) البقرة (٢٥٥).
(٧) من (س).
(٨) زيادة.