وتنور ، إلا ثلاثة أحرف : سبوح ، وقدوس ، وذو روح ـ لواحد الذراريح ـ واعلم أن التسبيح مصدر ، سبحان. اسم كأنك قلت أسبحك تسبيحا ، فوضعت لفظة سبحان لهذا المجموع وفي تفسير التسبيح وجهان : الأول : سئل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن معناه ، فقال : «إبعاد الله عن كل سوء» أي تنزيهه من كل سوء. والوجه الثاني : أن اشتقاق التسبيح من سبح في الأرض إذا ذهب فيها. قال تعالى : (إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلاً) (١) فإذا حملنا التسبيح على التنزيه فأفضل الأذكار : تنزيه الله تعالى أن لا ترى أنه تعالى حكى الملائكة أنهم (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ) (٢) وحكى عنهم أنهم قالوا في قصة آدم : (وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ ، وَنُقَدِّسُ لَكَ) (٣) وفي موضع آخر : (وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ ، وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ) (٤) وفي بعض الأخبار : «أن أهل السماء الدنيا قيام إلى يوم القيامة يقولون : سبحان ذي الملك والملكوت. وأهل السماء الثانية ركوع إلى يوم القيامة يقولون : سبحان ذي العزة والجبروت. وأهل السماء الثالثة سجود إلى يوم القيامة ، يقولون : «سبحان الحي الذي لا يموت» (٥) واعلم. أن هذه الألفاظ المراد منها شرح تفاوت درجات الملائكة في مقامات المعرفة والمحبة والعبودية.
واعلم أن التسبيحات الواردة في القرآن كثيرة. ومن جملتها : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ، وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) ومن الناس من قال : المراد منه التسبيح (بالقول) (٦) واحتجوا عليه بأنه قال : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ، وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) (٧) ولو كان المراد من التسبيح هو دلالة آثار الصنع على الصانع لكانوا يفقهونها لقوله : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ : مَنْ
__________________
(١) المزمل (٧).
(٢) الأنبياء (٢٠).
(٣) البقرة (٣٠).
(٤) الصافات (١٦٥ ـ ١٦٦).
(٥) الإسراء (٤٤).
(٦) من (م).
(٧) الإسراء (٤٤).