ضعف فيه أو قوي. فإنه يجوز أن يشتق منه اسم الفاعل ، كمن يقول : دخل فهو داخل ، وخرج فهو خارج فإذا احتيج إلى تميز بين الفعل الذي يظهر من الفاعل مرة واحدة ، وبين الذي يظهر منه غالبا ، وكذلك إذا احتيج إلى أن يميز بين الفعل الذي يظهر منه على سبيل التكلف وبين الذي يظهر منه على سبيل الخلق والعادة ، وجب العدول إلى هذه الأمثلة ، ليتميز بواسطتها بعض هذه الأقسام عن بعض.
ومما يدل على أن الفعل أوكد من الفاعل ، أنه يقال سمع فهو سامع ، ورحم فهو راحم. وأما بناء الفعيل فإنه لا يستعمل إلا عند قصد تأكيد الفعل ، لأنا إذا قلنا سميع رحيم دل ذلك على تأكيد معنى الرحمة ، وتمكن هذا الفعل من طباع الموصوف به ، كالخلق الثابت، وكالطبع اللازم. ولهذا السبب كان لفظ القدير في القرآن أكثر من لفظ القادر ، ولفظ العليم أكثر من لفظ العالم.
الاسم الثالث : المقتدر قال تعالى : (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ) (١) ووزنه مفتعل من القدرة. قال بعضهم : قدر ، واقتدر ، بمعنى واحد. وأما المحققون فقد فرقوا بينهما ، لأن بناء افتعل دلالة على كمال حال القدرة ، فقولنا : اقتدر معناه : أن الفاعل متصرف في فعله كيف شاء وأراد ، لا يعوقه عن ذلك عائق ، ونظيره قوله كسب واكتسب. فإن كسب يستعمل فيما يكسبه (٢) الإنسان لنفسه ولغيره. وأما اكتسب فهو مختص بما يفعله الإنسان لنفسه (٣) قال تعالى : (لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ) (٤) وإنما خص الخير بالكسب ، والشر بالاكتساب ، لأن الخير قد يعمله الإنسان لنفسه ولغيره ، فلا جرم لا يكون فيه الجد والرغبة كاملا ، وأما الشر فلا يعلمه إلا لنفسه ، ليلتذ به ، فلا جرم كان الجد فيه أكمل ، فلا جرم خص بلفظ الاكتساب. وأيضا : أفعال الشر يمتنع
__________________
(١) القمر (٥٥).
(٢) يكتسبه الإنسان (س).
(٣) لنفسه (س).
(٤) البقرة (٢٨٦).