الجبائي. وعجز عن الجواب.
ثم إن أبا الحسين البصري بعد خمسة أدوار. أورد هذه المناظرة في كتاب (القدر) (١) وقال : نحن لا نرضى في هذه المسألة بهذه الأجوبة. ولأصحابنا في الجواب عن ذلك طريقان:
أما من لم يوجب الأصلح في الدنيا ، فإنه يقول : إن الله تعالى يقول للمؤمن والكافر: إني كلفتكما ، والمقصود من ذلك التكليف تعريضكما للمنافع العظيمة ، فهذا الزاهد أحسن الاختيار ففاز بالنجاة وهذا الكافر أساء الاختيار ، فوقع في العذاب. فإذا قال الطفل : فهلا كلفتني؟ فيقول الله تعالى : هذا التكليف بفضلي ، وليس يجب إذا تفضلت على أحد ، أن أتفضل على كل أحد لأن للمتفضل أن يتفضل ، وله أن لا يتفضل. فإلزامك أيها الصبي أن أتفضل عليك لا محالة غير لازم ، وليس للكافر أن يقول : هلا اخترمتني؟ لأنا لم نقل : إنه يجب عليه اخترام الطفل ، لأجل أنه علم أنه يكفر فيلزم منه اخترام كل من يكفر لأنه ليس يلزمه التفضيل ولا يجب إذا لم يتفضل على الطفل بالتكليف (٢) أن لا يتفضل على غيره ، لما ذكرنا أن ترك التفضل في حق واحد ، لا يوجب تركه في حق غيره. فظهر (الفرق ، وظهر) (٣) أن مع هذا الجواب لا تلزم تلك الحجة.
وأما من قال : بوجوب الأصلح فإنه يقول : إنما كلف الله تعالى المؤمن لأنه علم أنه يؤمن ، ويصل إلى الثواب. وليس في بلوغه وتكليفه مفسدة لأحد من المكلفين. وأما الطفل فإنه لو كلفه وبلغ ، لكان ذلك مفسدة في حق بعض المكلفين ، فظهر الفرق.
هذا تمام ما أورده أبو الحسين البصري في كتاب «القدر».
__________________
(١) القدر ـ بضم القاف وفتح الدال المهملة.
(٢) بالتكليف (م ، س).
(٣) من (س).