مريدا له ، ويكون حصوله لذيذا عنده ، لا يكون ذلك الفعل شرا من كل الوجوه.
الفرع الثاني : إن الفعل الواحد قد يكون مشتملا على جهات كثيرة من المنافع ، ويكون مشتملا على جهات كثيرة من الدواعي. مثاله : إنا بينا أن الجهات الداعية إلى الفعل ثلاثة : أحدها : كونه نفعا. والثاني : كونه دافعا للضرر. والثالث : كونه دافعا لدافع النفع. فإذا حصل في الفعل الواحد أحد (١) هذه الجهات الثلاثة ، فقد حصل فيه أمور ثلاثة كل واحد منها مستقل بالدعاء إلى الفعل. وأيضا : فالفعل الواحد يمكن أن يكون نفعا من جهات كثيرة ، بحيث يكون العلم بكل واحد منها جهة مستقلة بالدعاء إلى الفعل. وكذلك يمكن أن يكون دافعا لأنواع كثيرة من المضار بحيث يكون كل واحد منها مستقلا (بالدعاء إلى الفعل. وأيضا : فالفعل الواحد يمكن أن يكون دافعا لأشياء كثيرة يكون كل واحد منها سببا مستقلا) (٢) بتفويت المنفعة. فإذا قدرنا حصول فعل واحد ، وكان نفعا من جهات كثيرة ، وكان دافعا لأنواع كثيرة من الضرر ، وكان أيضا دافعا لأقسام كثيرة من الأحوال الموجبة لفوات النفع ، كان كل واحد من هذه (الوجوه : وجها ، لو انفرد لكان مستقلا بالدعاء إلى الفعل. فهذا بيان كيفية اجتماع) (٣) الوجوه الكثيرة من الدواعي في الفعل الواحد.
الفرع الثالث : إنه إذا حصل في الفعل جهات كثيرة في الدواعي ، فتلك الجهات إما أن تكون متعاضدة متوافقة ، وإما أن تكون متنافية متعاندة.
أما القسم الأول : فمثاله ما ذكرناه. وفيه أشكال ، وهو أنه إذا كان كل واحد من تلك الجهات بحيث يكون اعتقاد حصوله سببا مستقلا بالدعاء إلى الفعل ، وبترجح جانب الفعل. فعند اجتماعهما إما أن يقع ذلك الترجيح بكل
__________________
(١) أحد (س)
(٢) من (م).
(٣) من (م).