شاعرين بتلك الأحوال حالة النوم ، ولا يلزم من عدم حصول هذا الثالث ، عدم القسمين الأوليين.
وأما الجواب عن الحجة الثالثة : وهي أن الماهر في صنعه الكتابة قد يكتب مع أنه لا يكون متأملا في آحاد تلك الحروف ، فنقول : إنه بسبب المواظبة على الكتابة تحصل في أصابعه ملكة تقتضي سهولة إتيانه بكتابة تلك الحروف ، وكما حصلت هذه الملكة في أصابعه بسبب مواظبته على (الإتيان بتلك الأعمال ، فكذلك حصلت هذه الملكة في خيالاته ، بسبب مواظبته) (١) على استحضار تلك الخيالات ، فلهذا السبب لا يحتاج إلى استحضار صورة كل واحد من تلك الحروف ، بل تلك الحروف (٢) تتعاقب على الخيال ، كما تعاقبت تلك الأفعال على اليد ، فتلك الصور والإرادات حاضرة ، وتلك الخيالات حاصلة إلا أنها لتواليها ولسرعة تعاقبها يظن أنها غير موجودة. وذلك ممنوع.
وأما الجواب عن الحجة الرابعة : فهو أنا نقول : إنا لا نسلم حصول الاستواء ، بل لا بد فيه من حصول الرجحان من بعض الوجوه. مثل أن يكون أخذ ذلك القدح بإحدى اليدين أسهل ، فيأخذ القدح الذي على ذلك الجانب. فإن فرضوا الاستواء من جميع الوجوه، فنقول : لم لا يجوز أن يقال : إنه تحصل في قلبه داعية ضرورية جازمة من قبل الله تقتضي أخذ أحدهما دون الثاني؟.
وأما الجواب عن الحجة الخامسة : أن نقول : الآتي بالحركة البطيئة يعلم أنه أتى بالحركة بوصف كونها بطيئة ، فهو غير غافل عن الأمرين ، بل قاصد إلى تحصيلهما.
وأما الجواب عن الحجة السادسة : فهو أنا سنذكر الفرق إن شاء الله بين القادر ، وبين الموجب بوجوه ، سوى ما ذكرتم. فهذا تمام الأجوبة عن تلك الوجوه. وبالله التوفيق.
__________________
(١) من (م).
(٢) الخيالات (م).