الآخر ، لأجل أنه اختص هذا الجانب بذلك المفهوم الزائد ، فقولكم بعد هذا : إن القادر رجح أحد مقدوريه على الآخر ، لا لترجح ، يقتضي الجمع بين النقيضين. وذلك لأن قوله : رجح. أفاد أمرا زائدا على أصل كونه قادرا ، لأجله ترجح هذا الجانب على الجانب الآخر. وقوله : لا لمرجح ، يقتضي نفي هذا الزائد. فيثبت : أن هذا الكلام يوجب الجمع بين المرجح الزائد وبين نفيه. هذا إذا قلنا : إن قوله ترجح ، يفيد مفهوما زائدا على المفهوم من كونه قادرا. وأما إذا قلنا : إنه لا يفيد مفهوما زائدا البتة. فحينئذ لا يكون في ذكر هذا اللفظ فائدة (١) فوجب حذفه ، والاقتصار على كونه قادرا ، وحينئذ يرجع حاصل الكلام إلى أنه قادر على الفعل والترك ، ونسبة قدرته إلى الطرفين على التسوية ، وأنه لم يخص الجانبين (بالإيقاع والترجيح ، ولا بنوع من أنواع التمييز ، ثم إنه إن وقع (ف) أحد الجانبين (٢) ينفيه. وإذا صرحنا بهذا الكلام على هذا الوجه ، فإنه تقضي بديهة عقل كل أحد : أنه كلام باطل فاسد
الحجة الثانية : في بيان أن صدور الفعل عن القادر ، يتوقف على الداعي : أن نقول: لنفرض أن هذا القادر كان قادرا على هذا الفعل مدة ، ولم يصدر عنه ذلك الفعل. ثم بعد ذلك صدر عنه ذلك الفعل. فنقول : إما أن يقال إنه إنما حدث ذلك الفعل في ذلك الوقت دون ما قبله ، لأن هذا القادر أوقعه في ذلك الوقت وما أوقعه فيما قبله. أو يقال : إنه وقع في ذلك الوقت دون ما قبله ، لا لأجل أن ذلك القادر أوقعه فيه ، (بل وقع هو فيه) (٣) لا بسبب أصلا.
أما القسم الأول. فهو يفيد مطلوبنا. وذلك لأنا عللنا وقوعه في ذلك الوقت (بأن ذلك القادر أوقعه في ذلك الوقت) (٤).
فهل لقولنا : أوقعه في ذلك الوقت مفهوم زائد على كونه قادرا أم لا؟ فإن
__________________
(١) فائدة (س).
(٢) من (م).
(٣) من (س).
(٤) من (س).