الحجة الرابعة : إن (عند) (١) قيام الداعي إلى الفعل يمتنع حصول الترك. وذلك لأنه لو حصل الترك ، لحصل إما للداعي ، أو لا للداعي. والأول باطل ، لأنه عند حصول الداعي إلى الفعل يمتنع حصول الداعي إلى الترك ، وبتقدير أن يحصلا ، يتعارضان فيتساقطان ، ولم يبق الداعي إلى الفعل راجح الوقوع.
وكلا منا فيما إذا بقيت تلك الداعية على صفة الرجحان ، والثاني أيضا باطل ، لأن عند قيام الداعي إلى الفعل ، لو حصل الترك ، لا للداعي أصلا ، لكان قد حصل الرجحان من غير حصول الداعي.
والكلام في هذه المسألة فرع على أن حصول الترجيح يتوقف على حصول الداعي ، ولما ثبت فساد القسمين ثبت أن عند حصول الداعي إلى الفعل (كان الترك محال الوقوع.
واحتج من قال : إن عند حصول الداعي إلى الفعل) (٢) لا يصير الفعل واجبا بوجوه : الحجة الأولى : إن الذي دعا الداعي إلى الفعل ، قد يمكنه أن يغير تلك الداعية ، ولو كان ذلك واقعا على سبيل الوجوب ، لما قدر عليه. وأيضا : فقد تتقابل الدواعي. ومع ذلك فإنه يرجح أحدها. مثل المخير في الكفارات الثلاثة.
والحجة الثانية : إنا قد دللنا على أن الفعل بدون الداعي محال (٣) ، فلو فلنا مع هذا : إن الفعل يصير واجب الوقوع عند حصول الداعي ، فحينئذ لا يبقى فرق بين الموجب وبين المختار. وذلك معلوم البطلان. ولأنه لو لم يبق الفرق (٤) بين الموجب وبين المختار ، وجب أن لا يستحق المختار على فعله المدح
__________________
(١) من (س).
(٢) من (س).
(٣) ممتنع الوقوع (س).
(٤) الفرق (س).