فذلك الامر الذي هو سبب للهلكة ليس إلا تنجز الحكم الواقعي ، أما بالعلم الاجمالي أو الشبهات البدوية قبل الفحص ولا تشمل المقام الذي هو الشبهة البدوية بعد الفحص فانها بمقتضى قاعدة قبح العقاب بلا بيان مزبلة للهلكة بمعنى العقوبة.
وبعبارة اخرى ان الامر بالتوقف لا يصلح لان يكون امرا مولويا مبينا للواقع إذ لازمه ان يكون سببا لتحقق الهلكة وعليه تكون الهلكة معلولة للامر مع انك قد عرفت انها في رتبة سابقة على الامر وحينئذ لا يكون الامر بالتوقف صالحا للبيانية ، هذا وقد قرب الشيخ الانصاري (قده) وجها آخر بما محصله أن الهلكة عبارة عن العقوبة فتكون العقوبة بلا بيان قبيحة من المولي وبهذه الاخبار تكشف بطريق الإنّ ان الشارع لا يرضى بارتكاب الشبهة ، فيستكشف من ذلك ان الشارع قد اوجب الاحتياط ، وببيان آخر : ان هذه العمومات صالحة للبيانية بناء على ان المراد من الهلكة خصوص العقوبة كما هو الظاهر وشمول الاطلاقات للشبهة بعد الفحص ، فحينئذ يستكشف منها وجوب الاحتياط في المرتبة السابقة على الامر بالتوقف فيصلح وجوب الاحتياط للبيانية فيكون منجزا للواقع ، فتخرج الشبهات الحكمية البدوية عن حكم العقل بقبح العقاب من دون بيان ، لصيرورة هذه الاخبار بيانا فتكون واردة على حكم العقل بالقبح.
وقد أجاب الشيخ (قده) عن هذا الاشكال بان ايجاب الاحتياط ان كان وجوبه مقدمة للتحرز عن العقوبة المحتملة فتكون العقوبة حينئذ على الواقع المجهول فلا اشكال في قبحه ، وان كان وجوبه نفسيا فالعقوبة تكون على تركه لا على ترك الواقع المجهول فلا يصلح لان يكون بيانا إذ هو حكم ظاهري في قبال الواقع وقد اورد عليه الاستاذ (قده) في الكفاية بما حاصله أن ايجاب الاحتياط لا ينحصر في الوجوب المقدمي والنفسي بل يمكن أن يكون طريقيا فحينئذ يعود