البراءة فيكون الخارج من العمومات كل شبهة لم يرد فيها بيان من الشارع فتكون العمومات حجة في غير ما علم باخراجه وليست بحجة فيما علم باخراجه وذلك يتم في ما اذا قلنا بجواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية كما لو ورد اكرم العلماء ثم ورد لا تكرم الفساق منهم فلو شك في زيد العالم انه فاسق ام إلا فالتمسك بعموم اكرم العلماء فيجب اكرامه تمسكا بالعام في الشبهة المصداقية وقد حققنا في محله انه لا يجوز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.
وبالجملة المقام من قبيل الشبهة المصداقية إذ لا اشكال انه بمقتضى الآيات والروايات الدالة على البراءة اخرجت كل شبهة لا بيان فيها. وفي مثل هذه الشبهة نشك في انها كان لها بيان ام لا فالتمسك بادلة ايجاب الاحتياط في كل شبهة تمسك بالعام في الشبهة المصداقية وقد عرفت انه خلاف التحقيق فالعمومات إنما تصلح بيانا عند من جوز التمسك بالعام في تلك الشبهة كما لا يخفى.
ان قلت ان الذي أخرجه عن دائرة العموم إنما هو حكم العقل بقبح العقاب من دون بيان فلو جاء دليل بهذا المضمون فانما هو مؤيد لحكم العقل فيكون التخصيص بالدليل العقلي. فحينئذ يكون مندرجا تحت ما لو تخصص العام بالدليل اللبي لا بالدليل اللفظى ، وقد علم في محله ان المختار جواز التمسك بالعام في تلك الشبهة اذا كان المخصص لبيا لا لفظيا لما هو معلوم ان في الدليل اللبي يؤخذ بالقدر المتيقن وغيره يبقى تحت العام.
قلت : الدليل النقلي إنما يكون مؤيدا ولا يعتنى به إذا لم يكن فيه مزية ، واما لو كانت له مزية يعتنى بها فيجعل هو المخصص فلم يكن مؤيدا ، فعليه يلغي العام بالنسبة الى ما يكون من الشبهات البدوية بعد الفحص على انه لو انتهى الامر الى المعارضة فتقدم اخبار البراءة لكونها قاصرة عن شمولها للشبهات المقرونة بالعلم الاجمالي فتكون اخص مطلقا من اخبار الاحتياط ولا اشكال في تقدم