وتحقيق المقام يتوقف على معرفة مفاد الحديث فنقول ان المرفوع في الحديث تارة يكون نفس الحكم وهو في رتبة الواقع فحينئذ يكون الجهل المعبر عنه بما لا يعلمون عنوانا مشيرا للحكم المرفوع الذى هو بمرتبة الواقع فيكون الموصول وكذلك الرفع على معناهما الحقيقي بلا تصرف فيهما لأن الحكم الواقعي رفعه ووضعه بيد الشارع واخرى يكون الجهل المعبر عنه بما لا يعلمون جهة تعليلية فعليه لا بد من التصرف ، اما في نفس الرفع او في المرفوع اما الرفع فيجعل عبارة عن المنع والدفع لا الرفع الحقيقي اذ المرفوع ليس الحكم الواقعي ، واما التصرف في المرفوع بان يراد به الحكم في مرتبة الشك لا بمرتبة الواقعي اذ الجهل لما اخذ بنحو الجهة التعليلية يكون متأخرا في الرتبة فكيف يكون علة للحكم الواقعي الذى رتبته متقدمة ، وثالثة يكون الجهل قد اخذ في الحديث بنحو الجهة التقييدية فلا بد حينئذ من التصرف ، اما في الرفع او المرفوع كما قلنا في الجهة التعليلية. اذا عرفت ذلك فاعلم ان تقريب جريان الحديث على مسلك الملازمة يتم لو قلنا بان مفاد الحديث هو الاول إذ عليه يكون الوجوب الضمني للاقل مرتفعا ويثبت كون الاقل بحده الخاص واجبا فينحل العلم الاجمالي من جهة جعل البدل وترتفع الملازمة ، واما على المعنيين الاخيرين فلا ترتفع الملازمة إذ رفع الجزء المشكوك ظاهر لا ينافي جزئيته واقعا والملازمة انما كانت بين الاقل والاكثر واقعا.
وبالجملة رفع الحكم عن الاكثر ظاهرا ليس ملازما لتحديد الاقل لا شرعا ولا عقلا إلا ان الكلام في تمامية المبنى الاول الذي هو عبارة عن رفع الحكم الواقعي فيكون من قبيل الامارات ولم تكن من قبيل الاصول مع انه لم يلتزم به على انه مناف للامتنان بل مناف للسياق اذ ظاهر سائر العناوين ان له دخلا ولو كان بنحو الجهة التعليلية ، ولكن غاية ما يقال في المقام ان اثبات الملازمة على المبنى